سلطانه وقتل مزدك وكثيراً من أتباعه فلقب لهذا نوشين روان (الروح السعيدة). وزالت البدعة امحي أثرها.
وفي أول القرن الثالث الهجري دعا إلى هذه الفتنة في إيران أيضاً رجل اسمه بابك الخزمي وانحاز إليه جماعة واعتصم بجبال أرمينية ولبث عشرين سنة حتى فتح المعتصم بالله العباسي حصونه وفل جمعه وقتله. ونحل أخرى في أجيال كثيرة.
ما دعا داع إلى مذهب باطل لا ينصره عقل الإنسان ولا يرضاه وجدانه إلا لبس دعوته بشيء من الإباحة يجذب بها الغوغاء، ويستهوي بها الضعفاء، تشابه في هذا الماضي والحاضر، والقديم والحديث، وفي الإنسان ضعف، وللمآرب عليه سلطان. وللباطل وسوسة وخداع وللزور تلبيس وتضليل. ثم يأبى العقل الصحيح والوجدان السليم إلا أن يرفعا الإنسان إلى الدرجات التي تلائم الإنسانية ويسمو به عن درجات الحيوانية وقد طلع علينا عصرنا هذا، وقد غلبت فيه المادة وسيطرت فيه الآلية طلع بمثل هذا النحل الضالة في الإشاعة والإباحة، دعا في الشيوعية إلى إشاعة المال وغير المال وحرموا الملك، وأرادوا للناس أن يكونوا سوائم ترعى معا وترد الماء، سواء ولكن لا إرادة لها ولا اختيار، فهي طوع أمر الراعي ونهيه، وهي مسخرة لهواه ورأيه. لها أن تتساوى في المرعى تجوع فيه أو تشبع وتسمن أو تهزل وتسعد أو تشقى وليس لها من الأمر شيء.
ثم ينبغي أن يكون الشبه بين الناس والسوائم بنحو ما وعاه تاريخ البشر وجمعته البشرية من أخلاق وآداب، وما امتازت به الإنسانية على طول الجهاد من فضائل. كل أولئك أوهام باطلة، في زعمهم، وأباطيل ملفقة في مذهبهم. فالإنسان حيوان له غرائزه فلتسيره هذه الغرائز كما شاءت، ولكن في حدود هذا المرعى الذي يسوم فيه وفي سلطان الراعي الذي لا إرادة إلا إرادته، ولا رأي إلا رأيه ولا جبروت إلا جبروته.
ومن إتمام الشبه بين الإنسان والحيوان الأعجم أن تقطع صلة الإنسان بالمعاني العالية الخالدة معاني الحق والخير والجمال والبر، وكل ما يسمو بالإنسان عن الحيوانية، ويعلمه أن وراء الأجسام أرواحاً، ووراء هذه الظواهر بواطن، ووراء الطعام والشراب للنفس الإنسانية مقاصد ومن أجل ذلك يسدون على الإنسان ينبوع الخير الأزلي، ويحولون بينه وبين مطلع الضوء السرمدي، ويريدونه على أن يكفر بالخالق، وينكر كل دين، ليطفئ في