رأسي أفكاراً شتى، وتتنازعني آراء جمة، فتارة يدلي لي العقل بالرأي الصليب، والأمر الشديد، فيجزع قلبي وينهار. . وطوراً تترجم العاطفة عما في القلب من حنان ورقة. . فأكاد أستسلم للواقع رعاية للأولاد الأحبة، ووفاء للحب القديم، فيسخط العقل ويثور ويهدد. . وأنا - يا صاحبي - ميدان هذا الصراع، تنتهبني هذه الأفكار، وترس في روحي هذه الوساوس. . .
يقول لي القلب - وآه من هذا القلب - إنها - يا صاحبي - نجية نفسك، وترب روحك، وضياء بيتك ومهوى فؤادك،. . . أجل حبيبتي، أنا قلبك الرقيق الوفي. . ذقت معها مذ عرفتها أطيب ساعات العمر، وأحلى أيام الشباب، ألم تكن تحزن لحزنك وتفرح لفرحك، وتغمرك بحنانها وعطفها. وتشيع في روحك الأنس والنور، وفي بيتك السعادة والجمال. . أنسيت يوم التقيت بها في حديقة الأندلس، وكنت مهموم النفس، ضيق القلب، برما من الحياة وبالناس، تشعر بالحرمان يملأ عليك دنياك، والظلام يسد دروب حياتك. . فلما مدت يدها إليك لتصافحك، تبدل يأسك أملاً، وظلامك نوراً، وضيق نفسك رحابة وسعة ونشوة. . ورأيت في الزهر تلك الساعة معنى ابتسامتها الجميلة، وفي النهر الرائق صفاء روحها الوادعة. . أتذكر حين جلست بجانبها على ذلك المقعد الوثير، والنسيم الجميل يداعب صفحة النيل، ويهز أعطاف النخيل. . والشراع الحالم يشق الماء في رقة وهدوء. . لقد كانت يدها في يدك، وروحها تمازج روحك، حين قالت لك بلهجة الحلوة الساحرة: إني أشعر - يا حبيبي - بأن قلبي كهذا النهر وأنت الذي تداعبه وحدك، فيخفق لك حين تنشر عليه شراع قلبك وظلال روحك. فابتسمت وقلت: ولكن ما قيمة الشراع من غير هذا النهر!! وذهبتما معا في أحاديث عذبة، وعواطف رقيقة، أتذكر. . أتذكر. . أم أن نزوتهاالطائشة وخطيئتها الأخيرة. . . هذه السحابة السوداء الصغيرة، قد أخفت ورائها تلك الشمس الساطعة، وهاتيك الأنوار الزاهرة. . . وعفت على تلك الذكريات الحلوة، والساعات الممتعة. . . إنها يا صاحبي رغم كل شيء تحمل لك في قلبها الود الخالص، وتغمرك بالحب العميق. . . إنها رغم الخطيئة - حبيبتك وزوجتك، فلا تتركها للأيام، ولا تكن قاسياً في الانتقام، فقد انزلقت قدمها وكادت تهوي إلى العميق. . . إنها رغم الخطيئة - حبيبتك وزوجتك، فلا تتركها للأيام، ولا تكن قاسياً في الانتقام، فقد انزلقت قدمها وكادت