ولعل الاقتراح الثاني هو أسهل الثلاثة، لأنه يجعل للهمزة صورة واحدة لا تتغير بتغير موقعها في الكلمة. وقد علمت أن الاقتراح للدكتور أحمد أمين بك والأستاذ إبراهيم مصطفى. والرأي يستند - مع سهولة الرسم الذي يدعو إليه - إلى أن الهمزة والألف شيء واحد كما نص على ذلك السابقون من علماء اللغة ولم أر الأسانيد التي استند إليها صاحبا الاقتراح، والتي يشير إليها تقرير لجنة الإملاء بالمجمع، ولكني وقفت عليها إذ تذكرت بحثاً قيماً لأستاذ جليل هو الشيخ رفعت فتح الله المدرس بكلية اللغة العربية، نشره بالأهرام في (١١ - ٥ - ١٩٣٨) تحت عنوان (الهمزة الحيرى) أوضح فيه حيرتها ورثى لها أو لمن يعانون كتابتها ومتابعتها في تقلباتها، وانتهى على أنه ينبغي أن تكتب على صورة واحدة هي صورة الألف في جميع أحوالها لا تتأثر بشكلة ولا موضع، واستند في ذلك إلى أن الألف والهمزة توأمان في وضع العربية، ومما يدل على أن صورة الهمزة هي صورة الألف أن كل حرف في أول اسمه لفظ بعينه، فإذا قلت (ياء) ففي أول حروفه (ي) وإذا قلت (تاء) ففي أوله (ت) وكذلك (جيم) و (دال) وسائر الحروف، فكذلك إذا قلت (ألف) فأول الحروف التي نطقت بها الهمزة (ا) فدل ذلك على أن صورتها هب صورة الألف.
ومما استدل به الأستاذ رفعت فتح الله من أقوال اللغويين، ما جاء في الصحاح للجوهري:(والألف من حروف المد واللين فاللينة تسمى الألف، والمتحركة تسمى الهمزة، وقد يتجوز فيما يقال أيضا: (ألف) وقول ابن جني في (سر الصناعة): (اعلم أن الألف التي في أول حروف المعجم هي صورة الهمزة في الحقيقة، وإنما كتبت الهمزة واواً مرة وياء أخرى على مذهب أهل الحجاز في التخفيف ولو أريد تحقيقها البتة لوجب أن تكتب ألفاً على كل حال، يدل على صحة ذلك أنك إذا أوقعتها موقعاً لا يمكن فيه تخفيفها ولا تكون فيه إلا محققة لم يجز أن تكتب إلا ألفاً، مفتوحة كانت أو مضمومة أو مكسورة وذلك إذا وقعت أولا نحو أخذ وأخذ إبراهيم، فلما وقعت موقعاً لابد فيه من تحقيقها اجتمع على كتبها ألفاً البتة. على هذا وجدت في بعض المصاحف (يستهزأون) بالألف قبل الواو، ووجدت فيها أيضاً (وإن من شيأ إلا يسبح بحمده) بألف بعد الياء. . الخ
وألقى الأستاذ رفعت سنة ١٩٤١ محاضرة في جمعية الشبان المسلمين كان موضوعها