للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كمرحلة أولى في هذا التطور، وكذا ببحث البلوغ النفسي أو العقلي كمرحلة أخيرة له. واستخلصوا من مظاهر المرحلتين خصائص متقابلة، وأرجعوا خصائص كل مرحلة منها إلى قوانين عامة، لها من الاعتبار والقيمة العلمية ما للقوانين النفسية الأخرى - المنتزعة من مجال بحث آخر - أما الحلقة الوسطى التي تقع بين هاتين المرحلتين في سير التطور النفسي - وهي من سن السابعة إلى سن الرابعة عشر تقريباً - فلم يروا لمظاهرها ما يجعلها مستقلة تماماً عن مظاهر المرحلة السابقة عليها ومظاهر الأخرى اللاحقة لها؛ بل وجدوا فيها من خصائص كل من المرحلتين ما ليس على سبيل الانفراد أيظاً. ولذا اعتبروا هذه الحلقة من حلقات تطور الإنسان معبراً، ونظروا إليها كمرحلة انتقال من طور قائم بذاته إلى آخر مستقل عنه تماماً. ومن هنا ندرك: لماذا عنوا ببحث الطفولة الإنسانية ثم ببحث البلوغ العقلي أكثر من عنايتهم ببحث المرحلة الوسطى بينهما.

وقاسوا على الطفل في مرحلة الطفولة الأولى - وهي من السنة الأولى إلى السنة السابعة - الإنسان البدائي في مرحلة البلوغ الجنسي، وهو كل إنسان لم ينضج نضوجاً عقلياً ونفسياً حسب معاييرهم. صنعوا ذلك لوجود الشبه في المظاهر النفسية بين الأثنين. وكلمة: (الطفولة) إذن عنوان على عدم الرشد، وتقبل تماماً - كما ذكرنا - البلوغ العقلي النضوج الإنساني.

وتبع علماء النفس في تقسيم الإنسان إلى فرد بدائي غير رشيد وآخر بالغ أو ناضج حسب تحديدهم لمظاهر النوعين علماء الاجتماع في تقسيم الجماعة الإنسانية إلى بدائية أو فطرية وأخرى ناضجة أو متحضرة. وراعوا في تقسيم الجماعة على هذا النحو نفس المقاييس التي عرفت لعلماء النفس.

ونهج منهج النفسيين والاجتماعيين مؤرخوا العقائد الدينية في موازنتهم بين الأديان. فجعلوا منها ضرباً بدائياً وآخر راقياً.

وقصدوا بالأول ما كانت معتقداته تصور مظاهر الطفولة، وبالثاني ما كانت معتقداته ووصاياه تمثل مظاهر البلوغ العقلي للإنسان. فاستعاروا التقسيم لموضوعهم وكذا الأساس الذي قام عليه من علماء النفس أيظاً.

وبالحديث عن مظاهر الطفولة عند النفسيين سنعرف بطريق المقابلة مظاهر الرشد أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>