أقترب في تصوره منه، ومع ذلك قلما يكشف عن ذاته وحقيقته كما هي.
فهذه الخطوات في الإدراك بعد الظاهر المحس من الأشياء لا نكون في نظر علماء النفس إلا من الرشيد. وكلما كثرت خطوات الرشيد في إدراكه كلما كان أكثر اكتمالاً في معنى الرشد والنضوج.
وصف الإسلام (الله) بأنه واحد في مثل قول القرآن الكريم: قل هو الله أحد. . . ليس كمثله شيء. . . ولم يكن له كفواً أحد. . . وإلهكم إله واحد، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. ووضعه بذلك يدل على أن له الوضع السابق. إذ الوحدة المطلقة التي تعطيها هيئة التركيب في هذه الآيات الكريمة لا تكون إلا لمن انتقى عنه التشخص أولاً، ومعنى الاشتراك فيه ثانياً. وذلك هو الموجود المطلق.
فالوحدة هنا دليل على الإطلاق أو عدم القابلية للتحديد، كما أن التشخص هناك في الوثنية آية على التعداد والكثرة.
وبعض المسيحيين الذين ألهوا عيسى الرسول عليه السلام يضفون على المسيحية كديانة سماوية - عن طريق تأليههم عيسى - بعض خصائص الوثنية، لا من حيث الاعتقاد بإلهين أحدهما الأب والآخر الابن، لكن أولا وبالذات من حيث أن أحدهما يحده الحس والتشخص وهم بذلك يحرفون الكلم عن مواضعه ويستبدلون بآيات الله صنعة الإنسان.