الجنة وآخر تقاد فيه الأجسام الشقية هو النار. . وذلك مثل شريعتنا الغراء فهي أتم إفهاماً لأكثر الناس وأكثر تحريكاً لنفوسهم لأن التمثيل الروحاني لا يثير نفوس الجمهور مع أنه يقبل عند المتكلمين المجادلين.
وبحسب فهم أصول المعاد ينقسم أهل ملتنا ثلاث فرق: الأولى رأت أن ذلك الوجود واحد بالجنس وإنما يختلف الوجودان بالدوام والانقطاع. . وأخرى اعتقدت بروحانيته. . وطائفة رأت أنه جسماني غير أن الجسمانية تختلف عنها الآن لأن هذه بالية وتلك باقية. ولكن الكل مجمع على بقاء الجنس (ص١٢٣) وأن الله سوى بين النوم والموت في تعطيل فعل النفس.
وقبل نهاية الكتاب نرى فيلسوفنا يعرج على ما يجوز تأويله شرعاً وما لا يجوز. وهو يرى ألا يصرح بالتأويل وبخاصة ما يحتاج إلى برهان لغير أهله وهم القادرون على البرهان والاستدلال بالمنطق. فتمثيلنا للعامة نعيم الآخرة بالجنة وأنهارها وفاكهتها أجدى في الحث على الفضيلة من أن نشككهم في الجزء المادي.
وهو برى أن من النصوص ما يجب على أهل البرهان تأويله وإلا كفروا. . كما يجب على العامة على الظاهر وتأويله كفر.