ووطنه، ولا بين الولد ووالده، إلا كما يكون بين القطعان والمرعى، أو بين الحملان والكبش! ذلك يقوله الشيوعيون في الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً
يزعم الشيوعيون أنهم أعلم من الله بأحوال خلقه، وأعدل منه تقسيم رزقه؛ فهم لذلك ينكرون دينه، ويغيرون شرعه، ويحاولون أن يهدموا كل ما أنتجته القرائح وخلقته القرون ليبنوا على أنقاض ذلك كله شيئاً لا يقولون صراحة ما هو، ولا يرون الناس جهرة كيف هو؛ وإنما يضربون من دون الأسداد والحجب، فلا يقع في الأسماع منه إلا ما يريدون هم أن يقع! وفاتهم قبل أن يلغوا الفضائل والعقائد والقيم أن يلغوا العقول حتى يصدق الناس أن هذا الشيء الذي يذكر في السر، ويدبر في الظلام، ويبذل في سبيله الأموال والأنفس والثمرات والجهود إنما يقصد به العدل المطلق والخير العام، ولا يقصد به طغيان بشر على إله، وسلطان دولة على عالم!
ليست الشيوعية عقيدة تقوم على الخير، ولا طريقة تعتمد على الحق، ولا رسالة تؤدى بالمعروف، إنما هي أطماع من عمل الشيطان ووسوس بها جماعة من مغامري الروس كابدوا استبداد القيصرية، وقاسوا استعباد الأرستقراطية، فلم يكادوا يثلون عرش المستبد، ويقوضون صرح المستبد، حتى أدركهم مركب النقص، وأخنتهم صورة الانتقام، فتقاسوا بينهم جبروت القياصرة وصلف الأشراف، وسخروا كل ما تنتج العقول وتخرج المصانع وتنبت الأرض للجيوش والأسلحة ليتخذوا عباد الله كلهم عبيداً، ويجعلوا أرض الله كلها لهم ضيعة! حزب من ستة ملايين قيصر قد أعد الحديد والنار والدمار والقلق والفزع والاضطراب والفوضى لتنفيذ هذه الخطة وبلوغ هذه الغاية! فهل يقدر الله أن تنهزم القوى الخيرة أمام هذا الشر، وتنخزل المبادئ الصالحة عن هذا الفساد؟ حاش لله أن يؤتى ملكه غير البر، وأن يورث أرضه غير الصالح؛ فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
إن العقلية العربية معمرة فلا تقبل الهدم. وإن العقيدة الإسلامية نيرة فلا ترضى الظلال. وإن النحل الهدامة التي انتشر ظلامها حيناً في سماء العراق إنما كانت خارجة عن الإسلام طارئة على العرب. وإن الشرق العربي سيظل بفضل عقليته وعقيدته آمناً من كل سوء، نابياً على كل فتنة.