الرجل. ولكن لا عتب عليكم، فأنتم - أيها الرجال - ما زلتم تنظرون إلى المرأة بعين الاحتقار ظناً منكم أنها تخلفت عن الركب فلا تستأهل أن تجاذبكم الرأي ولا أن تناقشكم الفكرة، ميراث أورثتموه - منذ زمان - فتدفق في دمائكم وعز عليكم أن تطرحوه جانباً لتواجهوا الحقيقة التي تبتدي لكل ذي عيني. ولا ريب عندي في أن المرأة العصرية هي والرجل على سواء واحد في سعة الأفق وأصالة الرأي وحصافة العقل.
ثم راحت تدافع عن الزوجة الخائنة دفاعاً حاراً عنيداً يتراءى من خلاله التعصب الجارف للجنس، فقالت: وليست القضية هي مسألة الشرف والكرامة و. . . مما نسمع من كلمات رنانة طنانة تستهوي القلب وتستميل الأذن، ولكنها قضية زوجة صحبت زوجها سبع سنوات ثم تصبح - في لمحة واحدة - طريدة تتلقفها الشوارع في غير رحمة، ويتجاذبها الذئاب في غير هوادة، وهي قضية صغار الزغب الحواصل يفتقدون - على حين فجأة - حنان الأم ونور السعادة في غير ذنب ولا جريرة.
ولا عجب أن تلقي اللوم كله على الزوجة وحدها حين خانت زوجها، لأنك رجل. أما أنا فلا أبرئ الزوج مما اقترفت زوجته فإن في كثير من الأزواج حماقات تدفع الزوجات كارهات إلى أن يرتدغن في حمأة الرذيلة.
أما قولك إن المرأة المتعلمة كالثعلب فرأي تعرى عن الحقيقة، لأن العلم دريئة تنقذ المرأة - دائماً - من حبائل الرجل، وعزة تسمو بها إلى الترفع والإباء، وحصن يحميها شر المكيدة الخادعة. وأنت تعلم أن المرأة المتعلمة صعبة المراس شديدة الحفاظ على حين أن المرأة الجاهلة سهلة المكسر لينة المجس.
والرأي عندي أن يصبر الرجل فستجبر الأيام الكسر وترأب الصدع، وعلى الزوج أن ينصح الزوجة في هدوء ويعاتبها في رفق ثم يسدل على الماضي ستاراً كثيفاً من النسيان. ولا ريب عندي في أن الزوجة ستسعى جهدها إلى مرضاة الرجل وتتوب عن الغي وتستغفر عن الزلة، ثم تبدأ حياة جديدة فيها الاستقامة والاستقرار وفيها الإخلاص والوفاء.
وكتب الأستاذ عمر عودة الخطيب رأيه في العدد ٨٦٩ من (الرسالة) وهو ينتهي إلى ما انتهى إليه من قالوا بفراق الزوجين.
وقرأ صاحبي ما كتب أصحاب الرسائل، فنظر إلي نظرات ثم أطرق وقال وكأنه يحدث