للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتتأجج فيه الحيوانية الثائرة التي لا تعرف إلا الدم. . . الدم الذي يغسل الشرف الرفيع مما لوثته به امرأة حمقاء ساقطة، ولكني أترفق بصاحبك فأهديه إلى سواء السبيل في غير عنف ولا شدة. والرأي عندي أن يذرها في الدار تخدم أولاده وهي حبة قلبه ونور عينيه؛ ثم يهجرها فلا يميل إليها؛ وبجانبها فلا يهفو نحوها، ويحتقرها فلا يرعى حقها، ويراقبها في دقة خشية أن تتمادى في الغواية أو تندفع في الطيش، ثم يكتم الخبر في نفسه لا يحدث به أحداً ولا ينشره على أبيه. ولا بد أن يعلم صاحبك أنه إن طلق زوجته تناثر الخبر ولاكته ألسن في القرية فيها الحفيظة والغيظ، ونالته شماتة القريب وأصابه تهكم الغريب. وإذا بلغ أبنائه مبلغ العقل وجدوا من يعيرهم بما جنته الأم فيحسون مس الذل وعار الخطيئة، وتعمل في نفوسهم عوامل متضاربة تقتل فيهم هبة العقل، وتنزع عنهم دوافع السمو، وتخلع عنهم أسباب الترفع. ويعيش الواحد منهم عمره وفي خياله الجرم الدنيء يلاحقه فيضيق بالحياة ويضيق بالشرف. وقد تسول له نفسه أن ينتقم من مجتمع جاهل أحمق حمله عبء جناية لم تقترفها يده.

وإذا بقيت الأم في الدار لم يتناثر الحديث ولا تطايرت ريبة ولا شاع شك، فيحفظ الزوج - إذ ذاك - على نفسه عزتها؛ ويبقى على الأولاد حنان الأم، ويجنيهم مرارة اليم، ويوقيهم لذع الضياع.

ولست أنصح بأن يتزوج مرة أخرى لأنه إن فعل جمع على نفسه همين وضرب نفسه بالضرتين وقتل قي المرأتين.

وإنه ليتراءى لي أن صاحبك لن يطمئن إلى امرأة من بنات حواء بعدما عانى من خيانة الزوجة. فلا معدى له - إذن - من أن يعيش زوجاً كالعزب أو عزباً كالزوج يستعذب الوحدة في سبيل رضا أولاده، ويستمرئ النأي عن النساء خيفة أن تنتابه الظنون وتتوزعه الشكوك.

وافتتحت الآنسة (مجهولة) بطرابلس - لبنان، رسالتها بعتاب حاد فتقول فيه!

. . . وأعجب العجب أن تبحث مشكلة المرأة فتستفتي القراء وحدهم دون القارئات على حين أن لمجلة (الرسالة) قارئات من ذوات الرأي. وللمرأة في مشاكل الدار رأي لا يتخلف - أبداً - عن رأي الرجل، وللسيدة في مسائل الأسرة عقل يسمو - غالباً - على عقل

<<  <  ج:
ص:  >  >>