جاءتني رسالة من (ضياء الحائر بكلية الشريعة) ولست ادري هل (الحائر) من اسمه أو من حيرته، فإن الموضوع الذي ضمنه رسالته يحيره أو يحير إخوانه طلبة الأزهر، كما أنه يحير كل غيور على رسالة الأزهر التعليمية في هذا العصر؛ وانقل مما كتبه ألي الطالب (الحائر) ما يعرض صلب الموضوع، فيما يلي:
(من المعلوم أن الطالب الأزهري في هذا الوقت العصيب يعصره الهم ويكاد يقضي عليه الحزن. فهو رهن محبسه المعتم، ليفك الطلاسم ويحل الرموز التي تمسك بها شيوخنا كأنما هي وحي يوحى؛ وقد وضعوا للكليات كتباً مطوله لم توضع لعصرنا ولا على نظام مدرسي، وإنما هي أخلاط وأنماط شتى يحللها الطالب وحده ليخرج من بينها لبن خالصاً. . وأنت جد خبير بما يلاقيه المسكين من إعنات وإرهاق يفوق كل وصف، ولعل سيدي يذكر حالة الطالب الأزهري وما يكتنفها من مشاق وصوارف ونوازع ولا أتحرج من القول بان حالتنا على وجه عام سيئة، وغالبيتنا لا تعرف شيئا عن الرفاهية على الإطلاق. في هذا الخضم المائج يقف الطالب مشدوداً حائراً فيما يطلبه الشيوخ منا. وهو دراستنا لهذه الكتب العقيمة وحدنا؛ بمعنى أن الأستاذ لو درس من الكتاب نصفه أو ثلثه فعلى الطالب أن يكمل الباقي وحده، فيكد ويكد حتى يعشى نظره أو يحدودب ظهره أو يفقد صحته وما هو ببالغ مما يريد شيئا، ولقد كان من العدل شيئا ما، ي زمن مضى، إنما يقرأ في جميع السنة الدراسية يعتبر هو المقرر ويؤدى فيه الامتحان، لأنه ما دام الطالب بمعونة المدرس لم يستطع أن يستوعب الكتاب فمن غير المعقول أن يعيه وحده على أي وضع كان. ولا أخالك يا سيدي تظن أن المقروء شيء بسيط، فهو على أية حال بلاء كبير جداً. على أنني لا أكاد اعرف الحكمة في تعيين المدرسين للأزهر ما دام الطالب هو الطالب وهو الأستاذ معاً!)
ولا أريد أن أتوسع في التعليق على هذه الرسالة قبل أن اسمع آراء إخواننا الأزهريين، أساتذة وطلاباً، في قيمة هذه الكتب المعقدة التي تفرض على طلاب العالم في هذا العصر، واسأل: هل انتفع الأزهريون بما حصلوه من العلوم الحديثة وما رأوه من طرائقها، في ثقافتهم الأزهرية الحديثة؟ أما مسألة (المقروء والمقرر) فهي ظاهرة، كتب تتوارث الأجيال الأزهرية فهم عباراتها ومدلولاتها، ليس من العدل أن يكلف الطالب أدراك معمياتها وحده،