بقي من شهور العام في النوم اللذيذ والكسل الحلو، وكلنا يسمع سنويا في الصيف عن الاستعداد الضخم للموسم المقبل، فإذا ما حل الشتاء وبدأت الفرقة عملها، إذا بالجمل يتمخض فيلد فأرا هزيلا لا حياة فيه. وكيف نرجو نهضة من فرقة لا تقدم في الموسم الكامل إلا روايات تعد على أصابع اليد الواحدة، ثم تعيد فيما بقي من الموسم القصير روايات سبق أن مثلت مرارا وتكرارا حتى ملها الجمهور؟
هذا الاحتكار هو أول معول هدم صرح المسرح المصري.
رسالة الفرقة المصرية:
المفروض أن للفرقة المصرة رسالة، ورسالة ضخمة تتناسب وما يجتمع فيها من كبار الممثلين.
والمفروض أن رسالة الفرقة هي العمل على رفعشأن المسرح المصري بتقديم أروع ما كتبه المؤلفون المسرحيون بين مصريين وأجانب.
والمفروض أيضا أن الفرقة لم تكونها الحكومة للكسب، وإنما كونتها للقيام بأعباء هذه الرسالة الثقافية الكبيرة.
فهل أدت الفرقة فيما سلخت من أعوام رسالتها؟
يحز في نفسي أن يكون الجواب بالنفي.
وأنا لا أبني فشل الفرقة في أداء رسالتها على قلة الإيراد، فهذا آخر ما يجب النظر إليه، وإنما أبني هذا الفشل على ما تقدمه الفرقة من روايات.
كم رواية تاريخية قدمتها الفرقة في تاريخها الطويل؟
لن أستطيع أن أبخس قدر الفرقة فأدعي أنها لم تقدم شيئا من هذه الروايات، ولكن ما قدمته منها ضاع في غمار ما قدمته من مسرحيات فاشلة أو سوقية تقوم على التهريج من نوع المهازل فهذا النوع أجدر به أن يمثل في دور الرقص والفن الرخيص.
وأين رسالة الفرقة وهي تعيد روايات مثلت قبل تأليفها، والمفروض أنها ما كونت إلا لتقدم نوعا آخر من الروايات غير ما كانت تقدمه الفرق الأهلية؟ لا شك أن الفرقة مقصرة.
أنا لا أفهم السر في قصر عمل الفرقة على نوع واحد من المسرحيات، وهي الفرقة الغنية بعناصرها الفنية، فلم لا تتكون من هذا العدد الضخم فرقتان أو أكثر، فرقة تعمل باستمرار