في القاهرة وفرقة تجوب الأقاليم المختلفة؟ ولماذا لا تتشعب منها شعبة للملهاة وثانية للمأساة وثالثة للأوبرا والمسرحية الغنائية؟
إن كان غرض الفرقة أن تقتصر رسالتها على الكسب المادي فلتنشأ إلى جانبها فرقة أخرى لا تهدف إلا إلى عرض الروائع المسرحية الخالدة، غير ناظرة إلى كسب مادي أو إلى أي عراقيل فنية. لتكن فرقة تجارب تثبت أقدام الأنواع الجديدة، فإذا ما استساغها الجمهور عرضت الفرقة المصرية منها وهي واثقة من إقبال الجمهور، فوجود فرقة التجارب هذه أمر واجب حتم لرفع شأن المسرح المصري.
وإني لأرجو أن يأتي اليوم الذي أغشى فيه مسرح هذه الفرقة فأراها تقدم عددا من المسرحيات ذات الفصل الواحد مثلا، أو أراها تعرض مسرحيات مما ترفض الفرقة عرضه الآن، فإن الفرقة المصرية ترفض الكثير من أروع المسرحيات محتجة بأن الجمهور لن يقبل عليها. ويكفي أن يعلم القارئ أن الفرقة رفضت مسرحيات لهنريك إبسن النرويجي مؤسس المسرح الحديث وأستاذ برناردشو، كما رفضت مسرحيات لسومرست موم الكاتب الإنجليزي العظيم.
المسرح والسينما:
وقد يدعي البعض أن السبب فيما حاق بالمسرح إنما هو انتشار السينما، فهي تتفوق على المسرح بوفرة مناظرها وتنوعها، واستطاعتها الجمع بين كبار الممثلين في صعيد واحد، وبرخص أسعارها بالنسبة للمشاهدين لإمكان عرض الرواية مئات المرات دون أن يدفع للممثلين أجر عن كل مرة، ثم لأنها اجتذبت كبار ممثلي المسرح بما تدفعه لهم من أجور عالية.
وهذه مغالطة، مغالطة ضخمة، لجأ إليها المتقاعسون عن العمل على رفع شأن المسرح، لأنها أسهل حجة يبعدون بها اللوم عن أنفسهم.
وما المسرح والسينما إلا كالرسم والتصوير، فإذا كان التصوير الفوتوغرافي قد قضى على الرسم بالفحم أو بالزيت، فإن السينما يمكن أن تقضي على المسرح. فالمسرح بالنسبة للمشاهدين شيء فيه حياة وروح لأنهم يرون الممثلين أمامهم بأشخاصهم، أما السينما فهي خيالات تعتمد على شيء كثير من خيال الجمهور ليوهم نفسه بأن أشخاصها أشخاص