هنا. . هنا في داري، ثم أقبل الطفل وهو يلهث من شدة ألاين ومن أثر الإخفاق. . . أقبل يسائلني عن أخوته فضممته إلى صدري وانتحيت به ناحية ألقي السمع إلى حديث التافه البريء عسى أن أجد فيه سلوة أو عزاء، ولكن. . .
وظللت أياما أدير الرأي في خاطري فما أهتدي وإن بي لنهماً إلى الدم يدفعني إلى أن أحتقر نفسي وأمتهن عقلي لأنني لم أقطع في الأمر برأي منذ أن كان، ولأنني أصغيت إلى صوت قلبي حين رنت في جنباته صيحات طفل بريء. ثم أخذتني ثورة الجهل لأني فتى بدوي الطبع ريفي الشمائل، فعقدت العزم على أمر.
وجلست إلى زوجتي - بعد أيام - وقد ملأني الغيظ بروح الشر وغمرني الكمد بنوازع الانتقام. . . جلست إليها أناقشها في شدة وأجادلها في عنف وفي حديثي سمات الاحتقار وعلامات الازدراء؛ قلت لها (كيف سولت لك نفسك أن تفتحي بابك لرجل غريب يقتحمه في غيبتي؟) قالت (ليس هذا رجلا غريباً عني فهو من ذوي قرابتي جاء يزورني) قلت في تهكم (فجلستما معاً على سريري تتجاذبان حديثاً فيه العفة والطهر) قالت (فأنت الآن تتهكم بي وتتهمني في شرفي) قلت (عفوا! فما كان أجدرني بأن أذر الدار لكما تستمتعان فيها كيف شئتما، وأن أعتذر لكما في رقة وأدب لأنني قطعت صفوة الخلوة) قالت في تنمر (ماذا تعني؟) قلت (أعني أن هذه الدار داري ولا حق لك في أن تفعلي شيئاً إلا أن آذن لك) فضحكت في سخرية ثم قالت (إذن تريد أن تتعبدني. لعلك نسيت أننا هنا شريكان!) قلت (هذا كلام توحي به حماقة المرأة لتوهم نفسها بأنها شيء وما هي بشيء. إن الشركة - يا سيدتي - معناها التعاون فبماذا تساهمين هنا. . . في هذه الدار. . . لتستمتعي بحق الشركة) قالت في غضب (أنت تعرض بي وأنا لا أستطيع أن أصبر على مثل هذا الكلام) قلت (وهل يعبأ مدير الشركة بمن أصابه مس من جنون فحاول أن يستمتع بأرباح الشركة دون أن يساهم فيها بنصيب؟) قالت في تحد (هذه أفكار رجعية تافهة) قلت (ولكنها مبادئي أنا ومبادئ الحياة. إن المرأة التي تمرح فضل في الرجل وترفل في نعمته، ولا تحس الضيق ولا العنت؛ لا بد لها أن تتعبد الرجل في رضا، وتخضع لرأيه في استسلام، وتقر بسلطانه في تواضع. فإن كابرت فهي وضيعة الأصل دنيئة المنبت؛ أولا، فهي حمقاء العقل هوجاء الرأي؛ أولا، فهي ساقطة تافهة. . . ولا معدي لرجل فيه الرجولة عن أن يقيم