عوجها - إذ ذاك بالعصا. . . العصا التي يسلس لها الحيوان الشموس وينقاد. . . أو بالكلمة التي تقذف بها إلى الشارع) قالت (هذا كلام رجل ريفي الطبع ريفي العقل ريفي النزعة لم يهذبه التعليم ولا وشذبته المدنية) قلت (أما أنت فقد هذبك التعليم فنزلت عن الكرامة. وشذبتك المدينة فأغضيت عن الشرف، وصقلتك الحضارة فعبثت بالعرض) فقالت في ثورة جامحة (أنت رجل سافل وضيع) فثار غضبي وتأجج غيضي واندفعت إليها وأنا أزجرها بقولي (اخرسي يا. . .) ثم أهويت عليها بصفعة قوية قاسية طار لها صوابها فانقضت علي تخمشني بأظافر حادة كأنها مخالب نمر فركلتها ركلة قوية فانحطت على الأرض وهي تعوي عواء ذئب ناله أذى شديد فما يمسك عن العواء. . .
وسمع أولادي صيحات أمهم فتدافعوا نحوي، وأفزعهم أن يروا المرأة على الأرض تتلوى مما أصابها من شدة الركلة، فانطلقوا إليها يلقون بأنفسهم عليها يتمسحون بها وهم يبكون في مرارة وحسرة وقد كست وجوههم صفرة الرعب ورانت على نظراتهم علامات الحيرة والفزع، وانصرفوا عني جميعا في إهمال وخوف. ووقفت بازائهم حينا أنظر في ذهول ودهشة، ثم تسللت من الدار وأنا أحدث نفسي (يا عجباً إن في الأم معاني سامية لا يدركها إلا قلب الطفل) وخرجت من الدار أهيم على وجهي وإن كلمات أبي ترن في مسمعي حين قال (وإذا تفلسفت الفتاة في الدار جمحت بها نزوات الطيش فأنكرت وظيفتها وجحدت مكانتها، فتستحيل طمأنينة الزوج إلى فزع ما ينتهي ويحور هدوء الدار إلى ثورة ما تنقضي. إن المرأة التي تلد الفلسفة تلد الهم والأسى والضيق في نفس الرجل. . .)
وعدت إلى الدار في هدأة الليل لأجلس إلى زوجتي أحدثها في صراحة (إن الحياة لن تستقر في هذه الدار إلا أن تبرحيها، فأنا لا أستطيع أن أجد هدوء نفسي ولا راحة قلبي إن رأيتك إلى جانبي. وإذا رفضت، فستدفعني حماقتك إلى أن إلى أن أكشف لأهلك عن فضيحتك. وإذ ذاك أقذف في وجهك - مرغما - بالكلمة المحرمة. تعللي بما تشائين من التعلات، واتهميني بما يروق لك من التهم، ولكن حذار أن تتحدثي لأهلك بحقيقة ما كان) قالت في انكسار (والأولاد؟) قلت (خذي أبني الرضيع وذري الباقين أقوم على حاجاتهم وأسهر على تربيتهم)
وانفلتت زوجتي إلى دار أبيها تصحب أبني لرضيع وحده. * وغبرت أياما وأنا أعيش بين