وبعد ذلك ألقى الأستاذ السباعي بيومي بك كلمة موضوعها (مشاهد البطولة في الأدب الجاهلي) فتحدث فيها عن حروب العرب وآثارها في أخلاقهم من حيث تكوين البطولة التي تقوم على الشجاعة ورثاء البطل الشهيد وقرى الأضياف. والموضوع من موضوعات تاريخ أدباللغة العربية المعروفة، ولكن الأستاذ أحسن عرضه وتجميع فكرته، كما أجاد اختيار الشواهد التي كانت موضوع الاستحسان ومثار التصفيق.
ثم ألقى الأستاذ مهدي علام بحثاً في (الصداقة في شعر المتنبي) قال فيه إن المتنبي لم يكن له أصدقاء، لأنه كان متعالياً لا يرى أحداً أهلا لصداقته، ولأنه كان متشائماً سيئ الظن في الناس، ولأنه كان ذا أطماع يبغي الوصول إليها فيتخذ الصداقة ذريعة لها ثم يخرج عليها، وعلى ذلك كان البحث جديراً بان يسمى (عدم الصداقة عند المتنبي)
ثم تحدث الدكتور عبد اللطيف حمزة عن (الروح المصري في شعر البهاء زهير) وكان حديثه قيما، ومما قاله أن البهاء كان شعبي النزعة في شعره، وأن هذه الشعبية قوة لم تتح لمعاصريه من الشعراء الذين جروا على التقليد ومحاكاة الأقدمين، أما هو فكان يصور البيئة المصرية ويعبر عن روحها تعبيراً أصيلاً، ومن مظاهر ذلك سهولة شعره واستعمال العبارات الفصيحة الجارية على ألسنة الناس والتي يترفع عنها الأدباء والشعراء ويعدونها ابتذالا، ومن هذا اقتباسه الأمثال العامية، إلى شيوع الدعاية والمرح في شعره.
وألقى بعد ذلك الأستاذ محمد سعيد العريان بحثاً عنوانه (ديمقراطية الأدب) فأتى في الموضوع بمحصول الدراسة الدقيقة وهيأ بعرضه جواً من الإمتاع المعجب. قال إن الأدب عرف أول ما عرف على أنه فن من فنون الجمال أو لون من ألوان الترف العقلي، وظل كذلك مفهومه في أجيال متعاقبة، في العربية وغير العربية من لغات الناس، لا يكاد يتجاوز هذه الدائرة إلا خطوة بعد خطوة في السنين ذوات العدد، حتى التقى في هذا العصر بالحياة الإنسانية في صميمها أو شك أن يلتقي، فإذا هو في حياة الناس عامل ذو أثر، وإذا هو توجيه لهذه الحياة، وتوجيه لهذا الناس، وإذا هو ضرورة بعد ترف، ودعوة إلى الكمال بعد دعوة إلى الجمال، وكذلك عرف الإنسان الديمقراطية أول ما عرفها على أنها مذهب من مذاهب الحكم وصلة من الصلات بين الحكام والمحكومين ثم تطور هذا الفهم على مر القرون، فإذا الديمقراطية رأي وفن من فنون الجدل العقلي، ثم إذا هي تجربة عملية يراق