وحبذا لو قصر الأستاذ الجمبلاطي كان قصيدته على الموضوع دون أن يمدح وزير المعارف ورئيس مجلس إدارة الجامعة الشعبية ومديرها العام بنحو نصف القصيدة مدحا غير وثيق الصلة بموضوعها.
وبعد فما موضوع هذا المهرجان؟ ولم أقيم؟ وما مدى صلته بالجامعة الشعبية؟
يجب أولا أن نرحب بأي حفل للأدب في أي مكان، ويجب ثانيا - من باب نسبة الفضل إلى أهله - جهد الأستاذ علي الجمبلاطي مفتش الدراسات الأدبية بالجامعة الشعبية، الذي بذله في إقامة المهرجان وتنظيمه، وقد أشاد به الدكتور أحمد أمين بك في كلمته، وهو جهد بارز يدل على ما وراءه من محاولة إحياء الدراسات الأدبية في الجامعة الشعبية، وقد شاهدنا انصراف الطلبة عنها - وعن سائر الدراسات النظرية في السنوات الماضية حتى لقد أصبح كل جهدها يكاد يكون قاصراً على الصناعات والفنون التطبيقية، وأترك هذه الظاهرة مكتفيا بالتنبيه عليها، لعلهم ينظرون فيها، لمعرفة أسبابها ومعالجتها، وأعود إلى المهرجان.
سمعنا المحاضرات التي ألقيت، وهي ذات موضوعات مختلفة، من أساتذة أجلاء تدعوهم الجامعة إلى إلقاء محاضرات عامة في دار الجامعة، وهذه كل صلتهم بها. وهي موضوعات غير ميسرة أي لم يراع فيها مستوى طلبة الجامعة الشعبية، ولم يراعى هذا؟ وأين هم هؤلاء الطلبة؟ إن الحاضرين هم مجموع المدعوين إلى حفلة الشاي من رجال الأدب والصحافة وغيرهم من المثقفين وكبار الموظفين.
لقد فهمت قبل أن أشهد الحفل انه يمثل الجامعة الشعبية بمعنى أنها أرادت أن تبرز به جهودها الأدبية فيمن يقصدونها من الطلاب، فنرى بعضهم، ولو إلى جانب الأساتذة، يبدي بعض ثمرات الغرس ولكننا لم شيئا من ذلك، فلم نشهد الطلبة حتى في مكان الاستماع. . .
وقد رأينا أن المحاضرات كانت مختلفة الموضوعات، ولكن يلاحظ أن محاضرتي الأستاذ العريان والدكتور حمزة وقصيدة الأستاذ الجمبلاطي تجمعها سمة واحدة ذات ارتباط بفكرة الجامعة الشعبية، وكان موقع الفكرة الشعبية في كل من المحاضرتين والقصيدة. جميلا مناسبا. وهذا يدل على أنه كان يمكن وكان يحسن أن يكون للمهرجان فكرة أدبية معينة تتجه إليها أفكار المحدثين.