للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خذ موضوع القصة من هذا الوجود المتحرك أمام ناظريك، ثم اخلع عليها بعد ذلك من أثواب الفن ما يبعد عنها صفة الجمود الذي لا يتفق مع الحركة، ونزعة الخيال الذي لا يلتقي مع الواقع، ولا مبرر بعد ذلك لأن تفرض على موضوع القصة أن يسير في هذا الطريق دون ذاك! إن الحياة وحدها هي التي ترسم خط السير، وتقرر غرض الاتجاه، وتحدد طبيعة الموضوع. . . أعني أننا يجب أن نقتفي أثر الحياة في كل خطوة من الخطوات وكل نقلة من النقلات، ثم نسجل ما شاهدناه كما حدث في الواقع المشهود أو كما حدث في الواقع الذي يمكن أن يكون. فإذا كان مجرى الحوادث في القصة لا يضيق بشبح المأساة فلا ضير من توجيه دفتها نحو هذا الذي نبتغيه، فإذا ضاق بها فلا حاجة بنا إلى أن نحمل الحياة فوق ما يمكن أن تطيق!

والقصة التي يعرضها الأديب الفاضل لا يتنافى موضوعها مع رأي الفريق الأول كما لا يتنافى مع رأي الفريق الأخير، لأن البداية الفنية فيها تمهد لكلتا النهايتين المفتوحتين دون أن يمس جوهر الواقعية بحال من الأحوال. . . ولكن الذي يتنافى مع جوهر الفن القصصي هو أن يصر الفريق الأول على أن تكون الخاتمة مظلمة مع أنها تحتمل أن تكون مشرقة، وأن يصر الفريق الأخير على أن تشرف عليها العدالة الإلهية، وكأنها ليست قصة فنية وإنما هي درس في الوعظ والإرشاد!

حول رسائل الفراء أو رغبة استجابة

كان من رأينا أن نمضي في كتابة هذه الدراسة المطولة لحياة المغفور له الأستاذ علي محمود طه وشعره حتى نبلغ بها أربعة وعشرين فصلا على أن تجمع آخر الأمر بين دفتي كتاب يشير إلى فضل الشاعر العظيم على الشعر العربي الحديث. ولكننا ما كدنا نعد الفصل الثالث عشر للنشر حتى نبهنا أحد القراء الظرفاء إلى حقيقة تستحق التسجيل، وهي أن نرجئ بقية الفصول التي كنا نزمع نشرها على صفحات (الرسالة) حتى لا يفقد الكتاب جدته حين ندفع به إلى أيدي الناس، وحتى لا يستغني الجمهور القارئ بأعداد الرسالة عن شراء الكتاب. . . فكرة ناضجة بلا ريب، وبخاصة ونحن في عصر يلتمس فيه القارئ المصري شتى السبل التي تحقق له قراءة الكتب دون أن يدفع الثمن!!

وإذن فلا بأس أن تستجيب لهذه الرغبة التي تفضل بإبدائها قارئ لا شك انه صديق. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>