ألم تقتبس أبياتا من قصيدة قلت أنها (جيدة) أي فوق الدون والوسط من الشعر الذي أنشده شعراء الحفلة أليس معنى تلك الأبيات، إذا ترجمت إلى لغة النثر هي الإهابة بالناس المترقبين عودة صاحب الملاح من الشاطئ المهجور والقول لهم (لا تحلموا بمجيئه لا تحلموا)
لندع الشعراء جانبا لأنهم في واد غير وادينا، ولأننا نفهم نحن غير الشعراء أن حفلات التأبين إنما تقام لذكر المناقب وغير المناقب التي أحدثت حدثها وتركت أثرها في الناس، واسمع ما قاله (الزيات صاحب الرسالة) في صديقه علي محمود طه، وكيف عرفه وأحبه، وقد رأى انطواء الفيلسوف المفكر والشاعر الحالم ثم كيف لقيه في زحمة الحياة وقد تشعبت فيه أصول الجمال والحب واتسع في قلبه الحب للخير والإخاء والمروءة، وكيف كان طاغي الشخصية مستبدا بالحديث وكان شعره صورة لشخصه ومرآة لنفسه؛ ثم قارن ما ذكرته أنا من صفات عرفتها في الفقيد، في حالتين متباينتين، في الخصومة الأدبية العنيفة، وفي الصداقة الطيبة والعربدة أيضا، تجد أننا اتفقنا - أنا والزيات - في رسم الخطوط الرئيسية لمن يتوفر على دراسة لشاعر الصديق علي محمود طه. وأزعم أن صدر الأستاذ الزيات ينطوي على معلومات في حياة الفقيد الخاصة والعامة، تماثل وتزيد على معلوماتي عنه، وإن من الخير أن نشر تلك المعلومات ليتيسر للباحث الكلام عن الشاعر الذي خلده شعره.
كلمة أخيرة أقولها للأستاذ عباس، إن جميع حفلات التكريم والتأبين في وقتنا الحاضر إنما تقام للإعلان والظهور، وأن ليس للإعلان معنى غير النفاق والرياء والمجاملات الكاذبة، وأن من أوجب واجبات الكاتب محاربة الطبالين والزمارين في حفلات التكريم، والندابين النواحين في المآتم، وأعتقد فيك الكفاءة لشن هذه الغارة.
حبيب الزحلاوي
حول الأزهر - إلى ضياء الحائر
ليس عيبا أن نرى شكاة لطالب نجيب مثلك يا ضياء. يبعثها ضيق بتلك المواد العقيمة التي تدرسها في كليتك. ولكن العجب أن لا تجد هذه الشكاية ومثيلاتها آذانا مضغية لدى