للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المهيمنين على شئون الأزهر.

إن مناهج الدراسة في كليات الأزهر مبنية على أسس غير سليمة، ذلك لأن العنصر الأول الذي تقوم عليه الحياة الجامعية - وهو حرية البحث - ليس له أثر في تلك الكليات. ولن ترى إلا كتبا - هي بدار الآثار الأولى -. وهذه الكتب يكلف الطلاب دراستها. ويقع العبء الأكبر من ذلك على كواهلهم ولكن ما الحيلة والطالب لا يستطيع فهمها منفرداً؟

إذا فليتسلح ليلتهمها التهاما وليذهب بصره، ولتضعف صحته ولتنهد قواه، وما هو ببالغ شيئا من الفهم الدقيق، والاستيعاب الذي يقوم على التحليل والتفصيل. فطالب الأزهر مثله كمثل شخص لا يعرف (السباحة) ألقيته في (البحر) ثم قلت له اسبح يا عزيزي.

وإذا كان هذا شأن الدراسة في كليات الأزهر - ونحن في عصر التخصص - فما بالك به في معاهده؟ هناك العجب العجاب هناك ما يبعث الحسرة في النفوس، ويطبع اللوعة في القلوب. هناك ويا هول ما هناك: ملكات تقبر، ومواهب تقتل، وعقول تسخر، فأول ما يفاجأ الطالب في أول عام من التحاقه بالأزهر أن يكلف بحفظ ما يتلقاه من علوم. ويدرس دراسة يعوزها التوجيه والإرشاد. ولهذه الطريقة أثرها السيئ في حياة الطالب فلا يلبث - بعد أن تتقدم به الحياة الدراسية - أن يرى ظلالا قائمة تنعكس على حياته. مما يبعث على تشاؤمه وحيرته.

لا بد للأزهر أن ينظر في برامجه نظرة تربوية - على وفق ما تسير عليه وزارة المعارف - وليس بضائرنا أن نقلد ما دمنا نروم الصالح للجيل الجديد؛ فنحن حياله مقصرون جد التقصير، ونحن محاسبون عن ذلك أشد الحساب.

ولدى ضياء: عنى المفكرون وأعلام الثقافة في مصر بإصلاح الأزهر. وكأني بهم قد أسفوا لما لحق بالأزهر من ركود وتخلف عن ركب الحياة. وكانت لهم آراء سديدة لها وجهاتها وأصالتها. ولو أخذ بها لكان للأزهر شأن أي شأن. ومنزلة سامية بين جامعات العالم الحديثة.

أي بني: لا يصلح الأزهر إلا بالمدرس الصالح، والكتاب الصالح ونحن لا نقول عن المدرس إلا أنه - في ثقافته وإنتاجه - مازال عالة على غيره وإلا فإمامنا الكتاب والمؤلفون والمفكرون في مصر أفلا نرى أن جلهم من أبناء الجامعة. تلك التي طغت على

<<  <  ج:
ص:  >  >>