الأزهر ظهرت عليه. والفرق بينهما أنها سايرت العصر وواكبت الحياة، ونهلت من ثقافة الغرب، فوقفت في مصاف الجامعات الأوربية. أما الأزهر - أقدم الجامعات في العالم - فقد على عض كتب القدامى بالنواجذ. ولم يتصرف فيها بشيء من التهذيب والتنظيم. وفضلا عن ذلك فإنه لم يراع ظروف الحياة ولا تقدم العصر. فتأخر عن الصفوف ورجع القهقرى، أما الكتاب الصالح فلن تجده في الأزهر. وتبعة ذلك تعود على المدرسين. يا ضياء لك من اسمك ما يهديك. فلم الحيرة يا بني؟ هذه هي حياة الأزهر فاعتصم بالصبر وسر على بركة الله في الدراسة واستمد منه العون في استذكار دروسك. ولا تجعل للحيرة إلى قلبك سبيلا.
أزهري عجوز
حول (حيرة الجيل الجديد في الأزهر)
شيئان يعيبان التعليم في الأزهر وهما سبب ما يعاني الشباب الأزهري من حيرة وتعب، الكتب الأزهرية العتيقة: وليست مشقتها في تعقيدها فقط بل هي أيضا تفاهتها وخلطها بين مختلف العلوم في سياق واحد وفي بعدها عن الحياة ومجافاتها روح التعليم بل التربية. ثم منهج التعليم نفسه؛ فهو يحرص على قطع الصلة بين المتعلمين والبيئة التي يعيشون فيها ويعني عناية كبرى بالمواد التي تتوقف على الحفظ ويعني في هذه المواد أيضا يحفظ التعريف والشروط والأقسام بينما يهمل النواحي التطبيقية التي تدرب الناشئ على الفهم والإنشاء والجغرافيا والحساب والهندسة والجبر تدرس بصورة شكلية وأكثرها درس في الأقسام الابتدائية ثم يتفرع المنهج للعلوم النظرية الكلامية وفي تلك الكتب التي تعنى بمضغ الألفاظ وإثارة الجدل الكلامي فيما لا جدوى منه
وهذا هو سبب شعور الطالب الأزهري بالغربة عن مجتمعه وإحساسه بعدم القدرة على الاندماج في الناس لأن آراءه وأفكاره ومناقشاته تتأثر بطريقة تعليمه وهي طريقة غريبة على الناس في هذه الأيام - ثم هو يشعر في قرارة نفسه بنقص ثقافته وضيق أفقه في التفكير وعدم قدرته على تعليل الأشياء بعللها الحقيقية. وهذا أيضا هو سر اعتكاف الأزهريين حتى بعد تخرجهم فهم يعيشون في محيط خاص ولا يقربون الناس إلا بحذر.