بأوراق الشجر) وقوله الآخر (أما أنت فستموت بدورك، فلماذا تتحسر؟ مات قبلك (باتروكل) وهو خير منك)، واتخذ شعاره (لا شيء أفضل من شيء).
كان (فيرون) محباً للرحلات، اصطحبه (انكسارك) في حملة الإسكندر إلى الشرق، فعرف أخلاق الهنود وطقوسهم وعاداتهم، فتركوا في نفسه أبعد الأثر. ويقال إنه عرف الكثير من العادات والأخلاق الشرقية عند السوريين والميديين والمصريين والفرس.
وبعد موت (الإسكندر) عاد إلى وطنه وأسس مدرسته حوالي سنة ٣٢١ ق. م. وقد أكبره مواطنوه فلقبوه (الكاهن الأكبر) وأقاموا له تمثالاً بعد موته، ثم إنه عاصر (أرسطو)، وعرف كتبه وتناقش مع ابن أخيه (كالستين)، وتتلمذ لصغار السقراطيين والميغاريين خاصة، وتذوق مذهب (ديمقريطس) عن طريقهم وتعلم على يديهم الجدل، ولكنه بغض إليه، وعرف السفسطائيين وعاصرهم وصاحبهم وواطنهم، ووقف على أسرار الشرق وروحانيته. وبذلك استوعب التراث الفلسفي من منابته الأولى.
والمعروف أن (فيرون) لم يكتب شيئاً عن مذهبه، ولم يلق محاضرات، وكل ما كتبه قطعة فنية للحث على الغزو منحه الإسكندر عليها عشرة آلاف قطعة من الذهب. وكل ما انحدر إلينا عنه نذر يسير في مقطوعات احتفظ بها معاصروه وتلاميذه وعلى رأسهم (تيمون الوفي.
وقد لخص (أرسطقليس مذهب فيرون تلخيصاً وافياً فقال: (فيرون الإبلى لم يترك مكتوباً، ولكن تلميذه تيمون يقول: إن من أراد أن يكون سعيداً فليعتبر ثلاثا: ما الأشياء في ذاتها؟ وما موقفنا حيالها؟ وماذا نجني من وراء ذلك؟ الأشياء كلها بلا استثناء غير حقيقية على الإطلاق، وليست أحكامنا ولا مشاعرنا بقادرة على أن تمثل لنا الحق أو الباطل. لذا وجب ألا نركن إلى الحواس ولا العقل. وإنما يجب أن نظل بدون رأي لا نجنح إلى ناحية دون أخرى. بهذا لا يتطرق إلينا الألم، فإذا عرض لنا شيء وجب ألا نثبته أو ننفيه، وألا نثبته أو ننفيه معاً، وعلى هذا الوجه نصل إلى تعليق الحكم ١ ينتج تعليق اليقين ' ثم ننتهي إلى الطمأنينة التامة '
ولكي نزيد ذلك بياناً نتساءل مع تيمون ونجيب مع فيرون فنقول: