الغايات عند الجميع هي السعادة، فقد توسل لها سقراط بالعلم، وأفلاطون بزكاة النفس، وأرسطو بالحكمة، وأبيقور باللذة، وديوجين بالفوضى، أما فيرون فوسيلته تعليق الحكم أو اللاأدرية. ولهذا يقول (وادنجتون في كتابه عن (فيرون والفيرونية):
(إن أساس مذهب فيرون أنه اتخذ من الشك آلة للحكمة والاعتدال والعزلة والسعادة) أي أن فيرون اتخذ من الشك آلة للشك.
يقول الجرجاني (الشك هو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الآخر عند الشاك) وذلك هو اللاأدرية عند فيرون.
ويستطرد الجرجاني يقول:(وقيل الشك ما استوى طرفاه، وهو الوقوف بين الشيئين لا يميل القلب إلى أحدهما) وعند أبي البقاء وقيل الشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما، وذلك قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عنده بالنقيضين أو لعدم الأمارة فيهما) وذلك هو تعليق الحكم عند فيرون.
ويقول الجويني:(الشك ما استوى فيه اعتقادان، أو لم يستويا ولكن لم ينته أحدهما إلى درجة الظهور الذي يبني عليه العاقل الأمور المعتبرة) وذلك هو الشك الاعتقادي عند فيرون.
ويقول التهاوني (الظن عند الفقهاء: التردد بين أمرين استويا واستدل على ذلك بذكر هذا المعنى في (الحواشي العضدية) وفي (السلم)، وعلى ذلك فالشك مرادف للظن. وجاء في (كليات أبي البقاء)(الظن يكون معناه يقيناً وشكاً، فهو من الأضداد كالرجاء يكون خوفاً وأمناً، وفي الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، بمعنى اليقين والاعتقاد).
ومادام الشك مرادفاً للظن، والظن يقين وشك، فالشك يكون معناه اليقين، واليقين عند أبي هلال العسكري (هو سكون النفس بما علم) وذلك هو الطمأنينة التامة غير فيرون.
ومن هذا نرى أن مذهب فيرون ليس من السفسطائية في شيء، وبذلك يكون ابن حزم مخطئاً إذ اعتبر اللاأدرية مذهباً سفسطائياً، واللاأدرية ليست مع ذلك إلا جزءاً من (الفيرونية) الذي يتلخص في ثلاث وثلاث: