للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هوجاء يكاد الواقف فيها لا يرى جاره أو يستبين ما حوله. فتحول اليوم من احتفال وعيد إلى فوضى واختلال، وهدم في ساعة ما قضى السلطان في إعداده أياماً طوالاً وبذل في سبيله أموالاً طائلة. ثم وضعت الخاتون طفلها أنثى، ولم يتحقق أمل السلطان في وارث يحفظ الملك عقبه في بيته.

وهكذا تجري الأقدار في مسالكها الغامضة، وإنما يرى الناس منها الآثار التي تدهش لها الألباب وتعشى منها الأبصار، بغير أن يستطيعوا رؤية ما وراء ذلك من تدبير القضاء، فكان ذلك اليوم آخر ما شهده ميدان القبق من جليل الاحتفال. حقاً لقد عاد إليه بعض الملوك حيناً وأرجعوا إليه الحلبة، غير إن الروح لم يعد إليه، والروح سر عجيب لم تستطع البشرية أن تسمو إليه، فإنه يحل فلا تعرف أنه حل إلا من آثاره، ثم يذهب فلا تدرك ذلك إلا من آثار ذهابه، ولكنه غامض غموض المغيب المحجوب. ومن أعجب ما فيه أن السعد إنما يقبل مع إقباله، والنحس إنما يحل عند إدباره، وإنه إذا كان أدبر يوماً فلا جرم أنه يدبر لكي يعود في يوم آخر، ولو بعد حين.

محمد فريد أبو حديد

<<  <  ج:
ص:  >  >>