الحقيقة أننا حين نتحدث عن طه حسين فإننا نتحدث عن (معنى) أو (مثل) أتيح للبلاد أن تظفر به في هذه الفترة من حياتها المضطربة. ألسنا إذن نتحدث عن نعمة الله فينا؟
المعوقات الثقافية للأدب:
ابتدأت محطة لندن العربية إذاعة سلسلة من الأحاديث لمعالي الدكتور طه حسين بك في موضوع (معوقات الأدب الحديث) وقد أذيع أول هذه الأحاديث يوم الجمعة الماضي، وقد تناول فيه واحداً من هذه المعوقات، وهو الخاص بالثقافة، فقال: إنه يأتي من أن الثقافة ليست منتشرة في الشرق العربي كما ينبغي، فالتعليم لا يزال محدوداً، وقراء الأدب تبعاً لذلك قليلون، فالكاتب لا يجد صدى كبير لما يكتب، ولا يجد ما يغنيه من الكسب المادي. وقد كان الأدباء في القديم وفي أوائل الحديث يتكسبون بأدبهم من الأمراء والكبراء، أما الأديب المعاصر فقد عزف عن ذلك واتجه إلى الاعتماد على أدبه في كسب عيشه، وإن كان الأدباء قد اضطروا إلى الرجوع إلى الحماية بعض الشيء، وهم يكتبون في الصحف ويعملون في خدمة الدولة لأن الأدب وحده لا يقوم بحاجتهم، والأديب في حاجة إلى أن يفرغ لأدبه، يقرأ كثيراً ويكتب قليلاً، فلو كثر القراء وأغنوا الكاتب عن اللجوء إلى الوسائل الأخرى لكان للأدب في الشرق العربي شأن آخر. وهناك ناحية أخرى لهذه المسألة، وهي أن ثقافة الأدباء وثقافة القراء قليلة التنوع، وذلك آت من طريقة التعليم، فإن التعليم في الشرق العربي لا يتيح للمتعلمين إلا تعلم لغة أجنبية واحدة أو اثنتين، فالكاتب الذي لا يلم بالثقافات المختلفة لا يتعمق موضوعه؛ والمثل الأعلى في ذلك أن يكون في الأمة من يترجمون إلى لغتها كل ما يجد في الأمم الأخرى من ألوان الثقافات، فيجد الأدباء والقراء من هذه الثقافات ما ينمي أفكارهم ويوسع آفاقهم.
حفلات زحلاوية:
أشرت في الأسبوع الماضي إلى كلمة الأستاذ حبيب الزحلاوي التي عقب بها على ما جاء خاصاً به، وعلى غير ما يخصه، فيما كتبته عن حفلة تأبين المغفور الأستاذ علي محمود طه بالمنصورة.