للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الوضوح والصفاء، ومنهم (زو كواجا) الذي يتميز بالقوة والثقة والتجديد، و (دالي) الذي أبدع جمالاً أروع من الوقع في لوحته (المرأة في النافذة).

ويشعر الإنسان في هذا المعرض أنه أمام حرارة فائرة ونصاعة باهرة، ولا أخال كلتا الصفتين إلا منحدرتين من الدم العربي الأندلسي الذي لا يزال متغلغلاً في تلك البلاد، فالحرارة الفائرة هي حرارة الشرق، والنصاعة هي البيان العربي المشرق قد تحول على الريشة إلى خطوط وألوان. وإنك لتقرأ في هذه الأعمال الفنية قصائد ومقالات، أبدعها قصائد الغزل. . فالمرأة تمثل أهم اللوحات والتماثيل، وهي المرأة العربية بسحنتها وسماتها مع ما اكتسبته هناك من النضارة الزهراء والبشرة البضة الملساء، وترى فيها غزل عمر بن أبي ربيعة وأصحابه كما ترى نسيب العذريين ممثلاً في تعبيرات النفس المحبة والعواطف المتأججة.

وتبرز في هذا الفن الأسباني الناحية الاجتماعية والإنسانية أكثر من مظاهر الطبيعة، فالغالب فيه تحليل النفس الإنسانية واستخراج الموضوعات المختلفة من صورة الإنسان. مثل (أهوال الحرب) و (الثورة) و (محاكم التفتيش) وغيرها. ويبدو فيها تمجيد الإنسانية العالية ونقد الأوضاع المنحرفة والسخرية منها. ولكنني حرت أمام صور المصارعة الثيرانية، فإني أقشعر من هذه المناظر وأشعر بوحشيتها، ولكن لم أجد على اللوحات تعبيراً يماثل ما بنفسي، بل أجد الأمر على خلاف ذلك، وكل الطاقة الفنية منصبة على المهارة في إبراز الأوضاع المختلفة لهذه المصارعة، ولكنني لست أسبانياً، والفنان الأسباني إنما يعبر عن شعور الأسبانيين في اعتزازهم بهذه (الفروسية) ومع هذا فقد كنت أرجو أن أجد هناك فناناً يرتفع عن هذه الظاهرة القومية إلى ذروة الإنسانية. . .

عباس خضر

<<  <  ج:
ص:  >  >>