يستهل المؤلف البحث الأول ببيان أهمية موقع فلسطين الجغرافي ومركزها الحيوي، وتوسطها بين أجزاء العالم العربي فيقول:(أنه يتوسط العالم وتظهر أهميته للعرب لأنه يقسم بلادهم شطرين الشطر الأسيوي والشطر الأفريقي فهو يتحكم في مصير الأمة العربية، وبوسعه أن يحول دون تحقيق أهداف الجامعة العربية) وينتقل بعد ذلك إلى بيان الروابط المتينة والأواصر القوية التي تجمع بين مصر وفلسطين وهي ناحية على جانب من الأهمية فيقول (من العبث الكلام عن هذا فهو معروف ثابت، وأهم منه أننا في مصر ننسى أو نحاول أن ننسى حقيقة ثابتة واضحة هي أن مصر وفلسطين عاشتا أكثر من ثمانية قرون معاً ولا يذهب المؤلف إلى العهود الفرعونية بل يقول (إن فلسطين عاشت مع مصر طوال الأيام الطولونية والإخشيدية والفاطمية وفي عهود الدول الأيوبية والتركية ودولة الجراكسة).
ويتحدث عن الخطر الصهيوني، ويوجه اللوم للذين يقللون من شأنه، ولا يصارحون الأمة بحقيقته لتقاومه فيقول:
(والحق أن الاكتفاء بالنبوءات لم يعد يكفي في حياة عالم دائم الحركة والتطور والتنقل ومع ذلك وقف جماعة من أهل هذا الشرق يحاولون الإقلال من شأن الحركة الصهيونية ومراميها وأهدافها وكان الواجب عليهم وضع الحقائق ظاهرة واضحة أمام جماهير الشعوب العربية، وكان فرضاً عليهم تفتيح الأذهان والعمل على جمع الشمل وحشد القوى المبعثرة، وتركيزها جميعاً نحو غرض واحد هو محاربة الصهيونية بأسلحة القرن العشرين. وكان أول عبء على المخلصين هو تفهم هذه الحركة ومراميها ثم الانتقال مرة واحدة إلى العمل المجهد الشاق وهو الأخذ بأسلحة الخصم لإمكان التغلب عليه. ولم يكن هذا السلاح سوى الأخذ بأنظمة جديدة لكيانها الاقتصادي أي الخروج من الحياة التي ألفناها إلى تنسيق نظام صناعي ومالي وثقافي يتفق مع القرن الذي نعيش فيه لكي ندخل المعركة ونحن على قدم المساواة في التنظيم والتعبئة والتسليح وهذا ما لم نوفق في الوصول إليه) وعن نظرة الصهيونية للشرق وسخريتهم من استقلال شعوبه يستشهد بما أدلى به موسى شرتوك وزير خارجية إسرائيل حالياً ورئيس القسم السياسي في الوكالة اليهودية في عهد الانتداب أمام لجنة التحقيق سنة ١٩٤٦.