وهو حين ينعى على قومه تخبطهم في خضم السياسة، وتيههم في صحاري الضلالات وارتجالهم في علاج المشكلات، لا يحاول تثبيط الهمم، ولا إضعاف العزائم بل يريد إيقاظ روح العمل، وبث الكفاح، ويدعو إلى استجلاء العظة والاعتبار بالدروس التي تلفتها هذا الشرق خلال ربع قرن من الزمان.
ويقسو قلم الكاتب، وتلتهب عباراته حين ينكر على الشرق إهمال الكفاءات العلمية والآلات الحديثة التي تمخض عنها القرن العشرون مع أن الحرب في هذه الأيام صراع فكري، ونضال عقلي، قبل أن تكون حرب طائرات ودبابات وقنابل ومتفجرات.
(أننا إزاء قوة تتطلب حشد كل ما لدينا من وسائل تحتم علينا أن نقف لمحاربتها بعقل وفكر وإرادة ولا يكون ذلك بغير العلم. العلم الذي هو قوة ثورية هائلة والذي يمكن صاحبه من القدرة والغلبة والانتصار. نعم سيكون العلم سلاحاً قاطعاً فيصلاً لحل مشاكلنا معهم).
ويشفع للكاتب في قسوته صدور كلامه عن قلب مفعم بالوطنية الصادقة، زاخر بالإخلاص للعروبة، فياض بالإيمان الثابت. ولذا نجده يرسم الطريق للوثبة العربية، والنهضة الإسلامية، مذكراً سكان هذا الشرق بمجدهم الغابر، وعزهم السالف وقوتهم المرهوبة يوم أظلتهم جميعاً راية الإسلام، ورفرفت عليهم أعلام الوحدة، وجمعتهم أواصر الدين.
ونورد هنا بعض الأبحاث التي تناولها الكتاب.
١ - فلسطين بين العرب والصهيونية ٢ - أثر الكفاح من أجل فلسطين في يقظة العرب ٣ - رأس النقب وخليج العقبة ٤ - مصر العربية ٥ - الفكرة العربية وحاجتها لمذهب سياسي فلسفي ٦ - العالم العربي والسياسة الدولية ٧ - وحدة العالم الإسلامي في البحثين الأول والثاني يعرض الكاتب تاريخ الحركة الصهيونية والدوافع إليها، والأهداف التي ترمي إليها اليهودية العالمية من إنشاء وطن لليهود في فلسطين، ودعائم الاقتصاد اليهودي والوكالة اليهودية، وموقف بريطانيا من العرب واليهود. والصناعة اليهودية في الشرق. ثم يعقد مقارنة بين المعسكر العربي والمعسكر الصهيوني والقوة التي يستند إليها الجانبان. ومدى ما يمكن لكل قوة أن تفعله، وأساليب الحياة عند الجانبين، وإظهار الخطر الصهيوني، ونظرة اليهود للشرق.