يطالب بالاستقلال الذاتي؛ وكانت كرواتيا تضطرم من حين لآخر بالقلاقل والمظاهرات القومية؛ فتخمدها حكومة بلغراد الصربية بمنتهى الشدة؛ وتذكى بذلك أحقاد الكروات الجنسية. وفي سنة ١٩٢٥ أدرك الملك اسكندر خطر هذه الحركة على وحدة يوجوسلافيا؛ فاستدعى الزعيم رادتش وتفاهم معه؛ وعقد اتفاق بين الصرب والكروات يمنح به الكروات بعض الحقوق والمزايا القومية؛ فهدأت حركة الكروات الاستقلالية نوعاً وأبدى الشعب الكرواتي شيئاً من الولاء نحو العرش والحكومة؛ واحتل الكروات مقاعدهم في الجمعية الوطنية؛ واشتركوا في حكم البلاد؛ وكان لهم في الجمعية ٨٥ كرسياً أي نحو ربع مجموع الكراسي. ولكن هذا التفاهم لم يلبث طويلاً؛ لأن الجبهة العسكرية المحافظة التي تحكم البلاد من وراء الملك اسكندر لم يرق لها هذا التسامح مع الأقلية؛ ورأى الكروات من جهة أخرى أنهم لم ينالوا بهذا التهاون كل ما يطمحون إليه من المزايا الاستقلالية؛ فعاد سوء التفاهم بين الفرقين مرة أخرى؛ واشتدت الخصومة بينهما منذ سنة ١٩٢٨؛ ووقعت في كرواتيا قلاقل جديدة؛ واتخذت المعارضة الكرواتية في المجلس اتفاقات (نتونو) التي عقدت يومئذ بين يوجوسلافيا وإيطاليا بشأن الحدود مادة لحملات قوية على حكومة بلغراد والملك اسكندر؛ واستمرت هذه الحملات في شدتها حتى ضاقت حكومة بلغراد وضاقت الأكثرية الصربية البرلمانية بها ذرعاً؛ ووقعت بين الفريقين في الجمعية مناقشات ومناظر عاصفة انتهت في ٢٠ يونيه سنة ١٩٢٨ بوقوع تلك المذبحة البرلمانية الرائعة، وسفك دم الزعماء الكروات في نفس المجلس الذي دعوا إلى الاشتراك في أعماله، ومصرع استيفان رادتش زعيم كرواتيا القومي ومعبودها الوطني.
وهناك أدرك الملك اسكندر خطورة الموقف، وحاول مرة أخرى أن يعمل على تهدئة الأحقاد القومية التي أثارتها الجريمة، ولكنه لم يستطع فيما يظهر أن يغالب نفوذ العسكرية المسيطرة على الحكم؛ فلم تتخذ حكومة بلغراد في شأن النائب أو النواب القتلة إجراءات جدية تهدئ الشعور المضطرم؛ وكان موقفها في ذلك كموقفها يوم مقتل الارشيدوق فردينند من عطف على الجريمة ورفق بالجناة؛ وأخمدت حركات زغرب عاصمة كرواتيا ومظاهراتها بشدة، وساد حكم الإرهاب في كرواتيا، وطورد زعماؤها وأبناؤها أشد مطاردة؛ وأبدت حكومة بلغراد وعمالها الصربيون في معاملة الشعب المغلوب منتهى الخشونة