لكن هل معنى هذا أن الأزهر مختلف أو جامد أو ميت؟ لا، فالأزهر سائر حتى يأخذ طريقه إلى ما يريد، أو إلى ما يراد له، يستقيم على طريقة حينا، ويتعثر في خطواته بسب الأعاصير أو الأضاليل أحيانا، ولا أزيد!
وهل معنى هذا أن الكتاب في الأزهر لم يتغير ولم يتبدل؟. كلا، فقد تبدلت الكتب وتغيرت، طبعت الكتب الصفر طبعة جديدة، ونقحت وهذبت وعلق عليها وترجم لرجالها، وحدث فيها بعض التغيير والتجديد، وإذا كان هذا لم يخرجها بأكملها عن صورتها الأولى فليس ذلك بضائرها في فترة نعتبرها فترة تجربة وانتقال من حال إلى حال في تاريخ الأزهر الطويل. . . كذلك ظهرت في الأزهر كتب جديدة لها قيمتها العلمية، وأنشأها رجال في الأزهر لهم مكانتهم وثقافتهم، ونستطيع الآن لكي نقتنع بهذا أن نتذكر كتب أمثال الأساتذة الإجلاء شلتوت ومحمد يوسف موسى والصعيدي وغلاب وحامد مصطفى والبهي وماضي وعنتر ومحيي الدين والمدني والنجار ويوسف الشيخ وحامد عوني وغيرهم.
كذلك في الأزهر بلا شك اليوم كوكبة معجبة من الأساتذة المدرسين، وأغلبهم من الشباب، وهؤلاء فيهم الثقافة والدرية وسعة الأفق والشوق إلى العمل والاصلاح، ولكن حوائل كثيرة تقف في وجوه هؤلاء فلا تمكنهم من تحقيق ما يريدون من أحلام وآمال؛ فإذا أردت إيقاعي في (شر عملي) وسألتني ومنذا الذي يقيم تلك الحوائل؟. قلت لك: ارتفع في الصفوف العليا ثم اسأل!. .
قد تسألني: وما عيوب الأزهر إذن؟ فأوجز لك قائلا: عيوب الأزهر هي الحيرة بين القديم والجديد، انقطاعه عن متابعة الحياة، وتفرق وجهات النظر فيه، وتوتر العلاقات الداخلية بين أهليه، ومتابعته متابعة التسخير لسواه، وانصراف الطلاب عن رحيقه لانشغالهم بغيره من جاذب الحياة؛ فمن للأزهر بعد كل هذا؟. . له الله!. .