بقطرة عزيزة من دمه لتعنقدت كراته، ولو أنك خلطت نقطة من مصلك بتل القطرة لتعنقدت كذلك، فصديقي الزيات من المجموعة الألفبائية. أما الدم الرابع فخالية كراته من كلتا المادتين فهي لا تتعنقد لا بمصلي ولا بمصلك.
وتابع العلماء دراسة دماء الناس في نواحي المعمورة تقصياً في البحث، وامتحنوا دماء الصغار والكبار، والأبناء والآباء لآلاف من الأسر ليتعرفوا العلاقة التي قد تكون بين الولد والأصلاب والأرحام التي انحدر منها، فوجدوا قوانين مطردة على مقتضاها ينسل الناسل. من ذلك أنهم وجدوا أن الطفل الألفي يتحتم أن يكون من أبوين أحدهما على الأقل ألفي. وأن الطفل البائي يتحتم أن يكون من أبوين أحدهما على الأقل بائي. وأن الأب أو الأم إن كان أحدهما ألفبائياً ورّث كلاً من بنيه ألفاً أو باء. فالرجل الألفبائي لا ينتج طفلاً صفرياً. كذلك إن كان الطفل ألفبائياً تحتم أن يكون قد ورث ألفاً من أحد أبويه وباءً من الآخر؛ ومثل هذا الطفل لا ينتج عن أب صفري.
وفي قضية الشيخ المثري التي فات ذكرها امتُحن دم الزوجة بأخذ قطرة دم من أنملها، وقسمت القطرة قطرتين، مزجت إحداهما بمصل الخصيمة الألفية فعنقدت كراتها، ومزجت الأخرى بمصل الخصيمة البائية فلم تتعنقد الكرات، فقُضي بأن الأم من الفصيلة الألفية. وامتُحن دم الوليد على هذا النحو فكان من الفصيلة البائية، فلزم على هذا أن يكون أباه بائياً أو ألفبائياً. فامتُحن الزوج فكان بائياً. وامتحن الشيخ فكان صفرياً، فنجا.
على إن امتحان الدم قد لا يؤدي إلى نتيجة حاسمة. فلو أن الشيخ كان بائياً أو بائياً ألفياً لجاز أن يكون الوليد من صلبه، ولجاز أيضاً ألا يكون. وقد حسب حاسب عدد الحالات التي يمكن فيها الجزم بوالد الطفل منسوبة إلى الحالات جميعها التي يحدث فيها اشتباه، فوجد أنها تبلغ الثلث.
وأريد أن أنبه أن المعمل قد يبرئ، ولكنه لا يستطيع وحده أن يتهم أحداً. فهب أن الولد كان بائياً، والأم ألفية، وكان زوجها ألفياً، وامتحن الشيخ فكان بائياً، فهل يقطع بأبوة الشيخ من أجل شهادة المكرسكوب وحدها؟ كلا. فكم من الرجال بائيون! ولم لا تكون الزوجة اتصلت بأحدهم؟ وإذن كان يتحتم على الاتهام إثبات ما كان بين الشيخ والمرأة في مسالك الحياة.