الأولى لا يعرفون شيئا عن الملكية فكانوا يعيشون على ما يصطادونه من الحيوانات أو ما تصل إليه أيديهم من الأعشاب.
فلما ارتقت حالهم وزادت معرفتهم بالزراعة والصناعة وغيرها، عرفوا الملكية فعرفوا ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات. فحينما ينادون بمحو الملكية الفردية وإبطال حقوق الأفراد فيما يجمعون، يريدون على حد زعمهم أن يمنعوا بعض الأفراد من أن يتناولوا فوق ما يكفيهم من الثروة العامة فيكتنزوه في خزائنهم، ليفرقوه على الذين لا ثروة لهم، وفاتهم أن هذه الوسيلة عديمة الجدوى ضعيفة الأثر في تحسين الحالة الاقتصادية وإخراج الناس من الأزمة التي يرزحون تحت كلكها.
وفاتهم أنهم بعملهم هذا يقضون على روح التنافس المشروع بين الأفراد ويقتلون في نفوسهم النشاط والرغبة في العمل، ما دام كل ما يجمعونه سيذهب إلى أيدي غيرهم ممن لم يبذلوا مجهوداً ولم تتصبب جباههم عرقاً، ولم يجهدوا عقولهم في التفكير فيما يجلب لهم المال والثروة. فيتقاعد العاملون ويتكاسل أصحاب الهمم العالية ويصبح الناس سواسية في الفاقة والاحتياج، وتعود الخسارة على العالم عامة والوطن خاصة لتوقف المشروعات العظيمة والعمال النافعة التي يقوم بها ذوو الهمم الجبارة ويتولاها أصحاب الكفايات الممتازة سعياً وراء الكسب المشروع وزيادة ثروة البلاد.
(١) أن تكون الحكومة قيمة على الأعمال قائمة بجميع المشروعات التي تكون كلها ملكاً للدولة، أي حذف رءوس الأموال الفردية. وهم بذلك يستهوون الفقراء ويجتذبونهم إلى صفوفهم لما يوهمونهم به من معسول الكلام، بأن العمل بهذا سيجعلهم في رغد من العيش ويحسن حالتهم، ويقضى على هذا العدو الناشب أظفاره فيهم كما يقول عالم من علماء الاقتصاد الروس (إن الفقر لا يعالج عن تقسيم الثروة بين الناس لسببين واضحين أحدهما أن الثروة التي يراد تقسيمها لا تكفي حاجات للناس جميعاً. وقد عرف ذلك عن طريق الإحصاءات. فلو صودرت الأرباح الفردية التي تزيد عن ١٠٠٠٠ فرنك ووزعت بين الذين يقل دخلهم عن هذا المقدار، فإن كل فرد لا يحصل على أكثر من ١٢ % من دخله تقريباً، وبما أن الناس لا يصلون إلى رغد العيش المرجو إلى إذا ارتفع دخل كل منهم إلى عشرة أضعاف ما يحصل عليه حالياً، عرفنا أن مشكلة الفقر لا تعالج بتقسيم ثروة الأغنياء