فقالت:(وماذا أصنع بك جالساً أو واقفاً؟ معذرة! إن غرورك هو الذي أجرى لساني بهذا الكلام)
فسألتها وأنا مبهوت:(غروري؟)
فقالت بلا اضطراب:(أعني غرور الرجال. . . وكنت تستطيع أن تدرك قصدي ولا تحوجني إلى الإيضاح)
وكنت في أثناء هذا الحوار لم أبرح مكاني وراءها، فتحولت حتى صرت أمامها وقلت وفي صوتي نبرة غضب مكظوم:
(هل تستطيعين أن تدعي أن بيني وبينك ثأراً قديماً؟)
فأدهشني أنها أجابت ببساطة ومن غير أن ترفع وجهها إليّ:
(ثأر؟ أوه لا!. ولكن ألا ترى أن أمثالك لا خير فيهم لمثلي)
فقلت:(معذرة فإني غير فاهم!.)
قالت:(بالطبع! ولست وحدك الذي لا يفهم. . . كلكم هكذا. . . لأنكم تفكرون بعقول معطلة. . . أعني أن أهواءكم تغلبكم وتدفع عقولكم في مجراها، وتمنعكم أن تفكروا في حاجات غيركم مثل تفكيركم في حاجاتكم. قد يبدو هذا القول غريباً من فتاة مصرية، لأن الفتاة في نظركم ليست سوى مطية. . . لا تستغرب هذه الصراحة، فلستم وحدكم كل من تعلموا وذهبوا إلى أوربا ورأوا بعيونهم وفكروا بعقولهم. . . ما علينا من هذا. . . نعم الفتاة ليست عندكم سوى مطية. . . لا تجادل من فضلك. . . لا تحاول أن تكذب. . . كلا. . . لا تقاطعني. . . إنك هنا لتتحكك بي. . . هذا واضح. . . بالطبع! دعني أتمم كلامي، لقد كنت أقول حين هممتَ بمقاطعتي إنكم معشر الرجال تعتقدون أن الفتاة مطية، وإنها لكذلك، ولكنها غير ذلك أيضاً. . . إعترف بصراحة. . . هل خطر لك مرة واحدة أن الفتاة أكثر من مطية؟!)
فخجلت لأني لم أكن أنتظر أن أسمع هذه المحاضرة، وأورثتني المفاجأة اضطراباً فقلت: