وليس في هذه الأبيات من المعاني سوى مدح الخديوي بالحلم وقد أطنب في هذا كما ترى ولعل السر في ذلك هو الفرح الذي طغى على المصريين حين تخلصوا من وزارة رياض وظفروا بوزارة شريف التي عملت على إرضاء الشعب بانتهاج خطة الإصلاح. فلا عجب إذا اندفع الليثي يشيد بحلم الخديوي ويطيل في الإشادة.
ومنها:
لما رأى جنده من شبهة عرضت ... قد عارضوا واتقوا بالحزم واحتزموا
يوم العروبة إذ شوال منتصف ... راموا انتصافا وكاد السلم ينحسم
أجاب سؤلهم وهو الجدير به ... فقابلوه بحسن الحمد واحترموا
وقبلوا سدة سادت بأخمصه ... في موقف تتقيه العرب والعجم
وعاضهم من رياض غرس أنعمه ... وهيئة في نظام الملك قد خدموا
وفي هذه الأبيات ترى الشاعر يقف في صفوف العرابيين فيصف ثورتهم وهجومهم على قصر النيل بأنها شبهة لهم ويدافع عنهم بقوله (راموا انتصافاً). فهو يقرر بأنهم كانوا مظلومين مغبونين، وأنهم قاموا لإزالة ما هو واقع بهم من الجور والطغيان
ولا شك في أن الشاعر قد أغضب الخديوي في هذه الأبيات التي كشف فيها عن موقفه من الحركة العرابية. وتتجلى عاطفة الليثي بصورة أوضح في هذه الأبيات:
وهب لجندك ما قد كان وارعهم ... بعين أروع سيما طبعه الكرم
هب أنهم أخطئوا لم يستخف بهم ... خوف به ثورة الأحشاء تضطرم
فكان ما كان من أمر مغبته ... والحمد لله لم يلمم بها ألم
رفقاً وعطفاً وبالصفح الجميل أعد ... عادات بر لهم في عودها عشم
فهم لملوك أنصار وهم عدد ... عند الوغى ومثار النقع مرتكم
وهم سيوفك في يوم يفر به ... قلب الجبان وموج الحرب يلتطم
وهم دروع رعاياك الذين لهم ... في وصف معناك ما تعنو له الأمم
حاشاك مولاي أن تصغي لذي غرض ... لديه سيان من يحيى وينعدم
لن تجد شاعراً واحداً دافع عن العرابيين في هذا الموقف غير الليثي. وهو يظهر في هذه الأبيات في الثوب الوطني المخلص الذي يفيض حباً لبلاده وغيرة على وطنه. فهو يخاطب