للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتوفيق. وكانت داره كعبة يحج إليها أصحاب الحاجات. فهو الذي درأ الحادثات وحملها وجمع بين (خليل) و (خله) و (أدري) و (يدرأ) وهذا مما يوجب الثقل على اللسان والأذن. ثم قال:

نأى عن محبيه وأقسم جازماً ... بأن لا يؤوب الدهر ما طاب منزل

وأقسم كل من أخلاه موقناً ... بأنا إلى لقياه شوقاً سنرحل

كلانا بصدق بر عند يمينه ... وبالرغم ما قلنا وقال المكمل

وهذا لغر وعبث. يقول بأن عبد الله فكري أقسم ألا يعود ما صفا له العيش في الجنة. وأقسم خلانه على اللحاق به شوقاً إليه.

ويقول إن كليهما صادق في يمينه. وهذا هراء لا طائل وراءه.

وقال:

ولولا أمين المكرمات الذي إلى ... مخايله سر الأبوة ينقل

فتى المجد والعلياء والصدق والحيا ... وأوفى أمين يرتجي ويؤمل

يشم شذا المرحوم منه ويجتلي ... بغرته اليمن الذي يتهلل

لذبنا أسى مما عرانا من النوى ... ونحنا كما ناح الهديل المبتل

وفي هذه الأبيات انتقل الشاعر من البكاء على عبد الله فكري إلى التحدث عن أبنه. ولم يوفق إلى معنى جديد ولا إلى صورة لطيفة بل هوى إلى الحضيض. وقوله (يشم شذا المرحوم) من تعابير الدهماء. وقال:

عزاء عزاء أيها الشهم واحتسب ... وأيقن بأن الله ما شاء يفعل

تجلد ولا تبد التضجر والأسى ... فانك ممن للمعالي يؤهل

فمثلك من يسلي سواه إذا جنت ... عليه الليالي واعتراه التغول

ومثلك من يرعى شئون مراعه ... ويسعى لعان قلبه يتململ

وأنت بحمد الله أول عارف ... بأن الكريم الحر لا يتزلزل

فلو أن شخصاً أمياً أراد أن يعزي آخر لما عزاه بأقل من هذه العبارات. ومن المدهش أن يصل الليثي في أسلوبه إلى مستوى الأميين وأن ينحط في عباراته إلى درجة سحيقة من الضعف والركة. وما قوله (وأنت بحمد الله أول عارف) إلا مما يجري على ألسنة الدهماء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>