كنت معه يوماً، وكنا جالسين في حديقة البيت، فبصر بالخادم، فصاح به (ليس هكذا؟)
فانتفض الخادم ودار حول نفسه، وقال بلهجة الممتثل لقضاء الله فيه ولاستبداد هذا المجنون به:
(أفندم؟)
قال الشيخ: (ليس هكذا)
فعاد الخادم يسأل (أفندم؟)
فقال الشيخ مفسراً: (أقول ليس هكذا. ارفع رأسك وافتح صدرك. ألم أنهك أن تمشي متخلعاً؟)
فقال الخادم معترفاً: (أيوه يا أفندم؟)
فصاح به الشيخ: (قل نعم يا جاهل! أو بلى)
فاستغرب الخادم وسأل بلهجة المنكر: (بلى؟)
قال الشيخ (بلى)
فعاد الخادم يسأل (بلى؟)
قال: (نعم بلى! ماذا تظنني أقول؟)
قال الخادم: (بلى!)
قال الشيخ: (إذن قلها)
فحاول الخادم أن يعيدها ولكنه نسيها فجعل يقول: (أ. أ. بـ. بـ. . . وحك رأسه.
فأنكر الشيخ ضعف ذاكرته وقال: (نسيت بسرعة؟)
فتذكر الخادم وقال: (أ. . . بلى)
فعاد الشيخ يصيح: (مدهش! قل (لا) في هذا الموضع)
فظن المسكين أن عليه أن يردد كل ما يسمع فقال: (لا في هذا الموضع)
فضجر الشيخ وصاح: (ماذا كنت قبل أن تجئ إلى هنا؟ ببغاء؟)
فكرّ الخادم مسرعاً إلى الأولى استرضاء للشيخ وقال (أ. . . أ. . . بلى)
فيئس الشيخ وقال وهو ينظر إليّ (لا فائدة. . . لا فائدة!)
وحسب الخادم أن الكلام له فقال: (بلى.)