هذا بعض رسالة تلقيتها من الأديب الفاضل والصديق الكريم الأستاذ منصور جاب الله. وأنا حقاً أعلم قصته مع (الأهرام) وهي قصة يعرف مطلعها القراء، من مقالاته وتحقيقاته الصحفية، التي تدل على الاطلاع الواسع والذوق المصقول. وقد كان يوالي الكتابة بالأهرام وهو موظف، وكان المغفور له أنطون الجميل باشا يعرف قدره، وقد طلب إليه في سبتمبر سنة ١٩٤٧ الانقطاع للتحرير بالجريدة، وكان الأستاذ منصور حريصاً على الإقامة بالإسكندرية لملاءمة جوها لحالته الصحية، فاتفق معه على أن يكون محرراً مقيماً بالإسكندرية، وعلى ذلك استقال من الوظيفة الحكومية، وظل يراسل الأهرام ويكتب إليها من هناك. وفي نوفمبر سنة ١٩٤٨ أصدرت الجريدة إليه أمراً بالانتقال إلى القاهرة وإلا عدّ مفصولاً، فلما أعتذر بأن هذا مخالف للاتفاق انقطعت عن موافاته بمرتبة ثم قررت فصله.
وأنا لا أريد أن أتعرض للأمر من الناحية القضائية ولا من ناحية النقابة، وإنما أنظر إليه من الناحية الأدبية بالنسبة إلى الصحيفة الكبيرة ذات الماضي النبيل في معاملة محرريها وسائر موظفيها وبالنسبة للأستاذ منصور الذي خدمها متطوعاً وضحى بوظيفته ليكون من جنود صاحبة الجلالة بها، وإذا هو أخيراً يجد نفسه على قارعة الطريق. .
ما كان ضر الأهرام لو أبقته يوالي عمله بالإسكندرية كما كان؟
وليت شعري كيف يضيق صدرها الواسع بكاتب مثل منصور جاب الله؟ لقد عرفنا الأهرام مثالا لحسن المعاملة وتقدير العاملين بها، وكان يضرب بها المثل في ذلك بين الصحف، فماذا جرى؟ ما كان ينبغي قط أن يصل الأمر بينها وبين أحد لا إلى النقابة ولا إلى القضاء.
ولقد ترددت في إثارة هذا الموضوع هنا، ولكن الكاتب الأديب الأستاذ منصور جاب الله في محنة، ومن حقه أن يرفع صوته بالشكوى.