فقال في قسوة (لا عجب أن تمن علي بعمل نلت أجره مرتين. أما الطبيب، أما أبنك فلا شأن لي بهما، فأخرج وإلا. . .)
(وخرجت من لدن سعادة ألبك وأنا أذرف عبارات الأسى واليأس وقد ضاقت على نفسي وضاقت على الارض بما رحبت، وحدثتني شجوني بأن ألقي بنفسي في أليم لأخلص من حياة لا أحس فيها إلا قلوبا قدت من حجر فما امسكني إلا أبني المريض الذي يترجى عودتي)
(وأنفت نفسي - منذ تلك الساعة - أن أعيش في كنف البك الذي تكشف لي عن وحش مفترس يتأنق في مسلاخ إنسان، وترامى الخبر إلى البك فأقام حارسا) على داري، ثم طردني وحبس قوتي وقوت عيالي فما استطعت أن أحمل معي الذرة ولا القمح. . . ولا العيش. وتركت الدار التي كنت أسكن في عزبة البك. . . تركتها يوم أن مات أبني)
(وأحر كبدي لقد عشت ساعة على قارعة الطريق أذرف لوعة قلبي وحرقة فؤادي أمام جثة أبني المسجاة في أسمال لان سعادة البك رفض أن ندخله في داره، وأني في قسوة أن يمد لي يده في ساعة العسرة، ولكن عماله أعانوني في الشدة وساعدوني في الضيق.
(ولا عجب - يا بني - فإن الإنسانية حين تتهاوى تسفل فتتضع فتنحط إلى أوضع مراتب الحيوانية!)