للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في دار سعادة البك خادماً وعبداً؛ لا أتطاول إلى طمع ولا أتشوف إلى جشع، ورضيت ورضى أهلي، وأحس أولادي بالخفض والسعة، فاطمأنت نفسي وسكنت جأشتي واستنامت خواطري، ولكن الحوادث لم تنم. . .

(وعلى حين غفلة أصاب ابني ألاكبر داء عضال، فتفزع قلبي واضطربت حياتي لانه عوني وساعدي ولأنه أبني. . .

(وطرت إلى الطبيب أستشيره وأستعينه على أمري، وتحث الطبيب حديثاً ثلج به صدري وتطمئنت له لوعتي، ثم بدأ يطب لمرض المريض وأنا أدفع الأجر من عرق الجبين وأجزل العطاء من عناء العمل

(ليت شعري هل كان الطبيب يسخر من غفلتي ويهزأ من جهلي حين راح يمد لي في الأمل ويفسح لي في الرجاء ليخدعني عن مالي ويستلبني من كد العمر. آه، يا بني، لقد ظل أبني بين يدي الطبيب شهوراً لا يجد الراحة ولا الشفاء والطبيب يمكر بي ليستنفذ طاقتي حتى لصقت يدي بالتراب ولم يبق في داري سوى صابة تشوك أن تنضب، ولكن الامل. . . ومرت الايام فاذا انا لا اجد قوت يومي، وإذا الطبيب ينذرني في جفاء وغلظة. . . ينذرني بأن يقذف أبني إلى عرض الشارع إن أنا لم أشبع نهمه أو أرد غلته

(يا لقلبي ما أغلظ أكباد قوم سيطر عليهم سعار المال فصرفهم عن معاني الانسانية الساميه ودفعهم عن رقة الرحمة والشققة

(وانطلقت إلى سعادة البك - سيدي - أقص قصة أبني المريض وهو يقاسي برحاه المرض عند الطبيب، وأنا أعاني مس الفاقة هنا بين يديه، وطلبت إليه أن يعينني ببعض ماله. . . بخمسة جنيهات.

(وحدجني ألبك بنظرات قاسية ثائرة ثم قال (وإذن فقد شغلك أبنك عن عملي شهورا. لا بأس فهذا أمر أستطيع أن أغفره لك. أما الجنيهات، فمن ذا الذي أوهمك بأن داري هي بعض التكايا فتطمع أن تجد فيها مالا غير أجرك الذي تستحق).

(وأنكشف لي قلب سعادة ألبك عن حجر لا ينبض برحمة ولا يخفق بشفه فقلت له في توسل (ولكنني خادمك منذ زمان وهذا أبني بين يدي طبيب غلط الكبد قاسي الطبع خدعني عن كل مالي وهو ألان يوشك أن يقذف به مريضاً إلى عرض الشارع لأنني لا أجد ثمن

<<  <  ج:
ص:  >  >>