الاخلاق، وهو لم ينته بعد من العلوم التي افترض وجودها قبل الأخلاق؟
الواقع أن ديكارتاضطر إلى ذلك اضطرارا. اولا ليرضي رغبة الاميرة. وثانيا ليظهر مجهوده الأخلاقي قبل أن تعاجله المنية فتخرج فلسفة إلى التاريخ مبتورة من عضو هام هو الأخلاق. وكل فيلسوف - فيما نعلم - لا بد أن يردف الأخلاق بالسياسة فأين السياسة من فلسفة ديكارت؟ الجواب على ذلك معاد، وهو أنه لم يرد أن ينبه الأذهان في رفق إلى فساد استغرق العصر دون ظان يعكر مزاجة ويخرج هدوءه صخب النيا، فضلا عن نداء المجازر والمشانق لكل متمرد ثائر.
من أجل هذا اطمأن صاحبنا إلى منزله المؤقت المبنى على قواعد ثلاث هي: -
١ - طاعة قوانين البلاد واحترام عوائدها، والثبات على ديانتها في اعتدال اجمع عليه اعقل المعاصرين.
٢ - الثبات في العمل، وتجنب الشك والتردد في السياسة.
٣ - مغالبة النفس التي لا نقدر ألا على أفكارها إذ لا تحكم لنا في الأقدار. وهي أخلاق لها أهميتها - كما يقول (مزنار) لأنها تمكن النفس من الاستمرار في البحث عن الحقيقة في أمان، والاستمرار في كسب العلوم، ثم هي تكفي للأخلاق المضطربة التي تمثل مشاكل الحياة العملية في كل لحظة.