بشيء من القوة مع القضاء على الأصلية وسياسة التنوع داخل الوحدة وهي سياسة الدول السكسونية وفي مقدمتها إنجلترا، وتحاول إيجاد نوع من الاحتفاظ بالشخصية ويكون ذلك في الناحية الدينية غالبا مع إبقاء الأمور الاقتصادية تحت سيطرتها توجهها كيف شاء لها الهوى , وليس من شك في أن هذه السياسة أكثر تضليلا، على أن الأهالي قد يقاومون أو قد يرضخون.
٤ - الحروب
للحروب اثر كبير في احتكاك الحضارات، إذ أن كلا من الفريقين يستفيد من صاحبه. وقد أدت حروب الاسكندر الاكبر إلى وقوع احتكاك بين التيارين الثقافيين في الشرق والغرب. وكانت خطة الاسكندر هي إقامة وحدة حضارية عالمية قائمة على الحضارة اليونانية، والسبيل إلى ذلك إنشاء مراكز ثقافة تدرس فيها علوم اليونان وتحكم بنظمها، فكانت الاسكندرية من أعظم المراكز الثقافية التي يشع منها نور الحضارة الاغريقية.
ويختلف الكتاب في مدى احتكاك المغلوبين والغالبين:
فيرى ابن خلدون أن المغلوب مولع ابدا بالاقتداء بالغالب في شعارة وزية ونحله وسائر أحواله، ذلك لأن المغلوب يعتقد الكمال، فمكنه ذلك من الغلب، بمظاهر حضارته وبأنف من الاختلاط بالمغلوب كما فعل العرب في مصر أول الأمر لكنما هذه العزله لا تستمر طويلا. أو أن يحتفظ المغلوب بمقومات حضارته كراهية منه للغالب كما فعل المصريون مع الهكسوس والفرس.
ويرى الأستاذ ريفرز أنه كلما كانت حضارة المغلوبين راقية كان التأثير عليهم بطيئا وبسيطا. والفرق عظيم بين تأثير الأوربيين في الهند والصين وبين تأثيرهم على العناصر البدائية التي تتأثر بسرعة لأنها اسلس قيادا واكثر طواعية.
وترى مس سمبل أنه إذا كان الغزاة أسمى حضارة - حتى ولو كان عددهم قليلا - فإن الغزو يتمخض عن اندماج المغلوبين تدريجيا مع الغزاة: في النظم الاقتصادية ومختلف نواحي الحياة، مع التسليم بتأخر الاندماج في النواحي الروحية، فقد استطاع الإغريق أن يصبغوا شرقي البحر الأبيض المتوسط بالصبغة الإغريقية، وتمكن العرب من نشر الثقافة الإسلامية في سواحل شرق أفريقيا حتى موزنبيق - مع قلة عددهم هناك، وذلك لارتفاع