البضائع الجديدة، فمنهم من يقبل عليها ومنهم من يحجم عنها. ويتوقف نجاح التجار على مدى إحاطتهم بعادات أهل البلاد وتقاليدهم. والقاعدة العامة أنه كلما كان التجار اسمى حضارة كان تأثيرهم قويا، حتى ولو كانوا قليلي العدد. مثال ذلك: العرب في الملايو، إذ استطاعوا أن ينشروا الثقافة الاسلامية في هذة الاصقاع رغم قلة عددهم - ولو أن التأثير الجنسي كان ضئيلا بالطبع.
٣ - الاستعمار
وهو انتقال جماعة من الناس من موطنهم الاصلي إلى منطقة اخرى بقصد السيطرة عليها واستغلال مرافقها او الاقامة فيها. وقد يكون الباعث اقتصاديا او سياسيا او هما معا. ولقد كان لمعظم الدول الاوربية نصيب في استعمار المناطق البدائية. وحيثما حل المتعمرون فإنهم ينشرون حضارتهم. ويعتبر محل إقامتهم مركتزا للمبشرين والتجار. وكثيرا ما يحدث امتزاج بين حضارتي المستعمرين والاهالي، أي أن كلا الطرفين يستفيد من صاحبة؛ فقد أخذ الامريكيون عن الهنود كثيرا من أسماء المدن والانهار، وفي لغتهم كلمات هندية كثيرة. وإن جزءا كبيرا من غذاء الاوربيين مأخوذ من الهنود، حتى قال احدهم:(لو أننا حذفنا من الاوربية كل الاصول الهندية فإن ذلك يترك ثغرة كبيرة. ولولا الاتصال الدائم بالموطن الاصلي لحدث التشابة التام بين الحضارتين.) وأحيانا يحتفظ المستعمرون بمقومات حضارتهم ويعزلونها عن الاهالي فلا يختلطون بهم؛ ولكن هذا الامر لا يطول. ويتميز الاستعمار الحديث بميزة سوداء، ألا وهي إبادة كثير من العناصر الأصلية، هذه الإبادة على ثلاثة أشكال.
أ - إبادة مباشرة: وهذه تتم بالقتل كما حدث في تسمانيا
ب - إبادة غير مباشرة: وذلك بتسليمهم الأسلحة التي يجهلون استخدامها فيقتل بعضهم بعضا، أو نشر الأمراض كما حدث بين الإسكيمو.
ج - إبادة هادئة لطيفة بإسكانهم في المناطق غير المنتجة كما في استراليا أو وضعهم في حضائر - كما عومل الهنود في جنوب أفريقيا.
وإذا نظرنا إلى أعمال الدول الكبرى يمكن القول إن للاستعمار سياستين: سياسة التلاشي داخل الوحدة وهذه سياسة الدول اللاتينية وعلى رأسها فرنسا، وتعمل على فرض حضارتها