وتمتاز القصة بأنها محبوكة ومتسلسلة في منطق مستقيم وتكاد تكون عديمة الفجوات. وهي كما ترى قصة اجتماعية، تعالج هذا الموضوع، موضوع الصداقة والأصدقاء، من حيث كثرة المرائين وقلة المخلصين بل ندرتهم، ولكنك تشعر وأنت تشاهدها أن الموضوع يتطلب علاجا ابرع مما بذل فيه، كما تشعر في عرض التفصيلات بالجدب في الالتفاتات الجزئية التي تعتبر مثل هذه الرواية مجالا خصبا لها، وذلك ناشئ - فيما يبدو لي - من أن الكاتب غير منفعل بالبيئة التي عرض لها، وهو أن اظهر لنا بعض الشخصيات ذات الملامح المصرية المعروفة ألا أن الصورة الأصلية، وهي صورة صالح بك أسرته المنقطعين الريف المحبين له السعداء فيه، اقرب إلى صورة الريف في أوربا
والمسرحية فكاهية، وهي كذلك بجهود الممثلين وحركاتهم أكثر مما هي بالحوار، فأنت تحس في المواقف المختلفة بالمادة (الخام) التي لم يصنع منها ما تصلح له من الفكاهة، فالحوار ضعيف فاتر من هذه الناحية وأن كان الممثلون يبثون فيه شيئا من الحرارة، وكان يخيل إلى أن الممثل الظريف فؤاد شفيق يعاني ضيق الحيز الذي وضع فيه فيحاول أن يوسعه ولكنه ينطبق عليه.
أما إخراج الرواية فهو الذي كسا عظمها لحما وجعل لها روحا، من حيث تنسيق المناظر وتوزيع الأضواء وتحريك الممثلين والممثلات، فقد بدت المناظر موافقة رائعة معبرة، فالمشهد يرسل بصره إلى المسرح في المشهد الأول حيث بهو الاستقبال في القصر ومن ورائه حديقة غناء، فلا يخالجه شك في حقيقتها وما هي بطبيعة الحال إلى رسوم وأضواء، ومن المناظر العجيبة منظر الشرفة تبدو منها حمرة الشفق تارة ويرسل أليها القمر أشعته تارة أخرى، والإبداع الفني في تهيئة المناظر للموقف وملاءمته لأحوال من يتحركون فيه والاستعانة به على التعبير وإبراز المقصود منه. وللأستاذ زكي طليمات طريقة لطيفة في تقديم شخصيات ثانوية صغيرة ينعكس عليها جو الرواية، فالجو هنا كله رياء ونفاق، وهذا الغلام (رضوان) الذي يقول أبوه أنه ملاك طاهر والذي يغضي ويطرق أمام السيدات، وهو يسير أيضا في ركاب الرياء، بل يجسمه، إذ هو لا يلبث أن يسطو على الخادمة اللعوب ويهرب معها.
وقد أدى الممثلون والممثلات أدوارهم بجد وإخلاص، ووفق أكثرهم، فكان حسين رياض