للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسألته: كيف أنت والصياد؟ فقال بلهجة الفائز: أنني آخذ أكثر مما أعطى. إن غرقاي الذين أغنمهم أوفر عدداً من الأسماك التي يغنمونها مني. . .

وسألته: هل أنت عصامي أيها البحر؟ فحنى رأسه وقال: أن عيبي الوحيد هو أنني استعير مجدي وقوتي من سواى؛ فلولا تلك الينابيع والأنهار والجداول لم أكن. أنها تموت في لأحياء، وتصب في كنوزها لأصبح ثرياً. . أنها تعطيني جنينها لأتجبر؛ وتضع في صدري الملايين من القلوب ليظل نابضاً إلى الأبد. . أنا كالقمر يستمد نوره من الشمس ولولاها لم يكن القمر. أنا البحر ولكني رجل مدين لا يستطيع أن ينطح السحاب بأنفه الجبار.

نقص

وسألته: هل للشعر مكان فيك؟ فأجاب: شاعريتي في رعشتي، وصور خيالي المتوالية المتعاقبة في هذه الموجات. . .

وسألته عن البراكين فأجاب: عندما أغضب الغضبة الكبرى وتعجز الموجة عن أن تسعها، أطلق بركاني، ومن عجائبي أنني أخرج النار من مائي. . .

وسألته: كيف أنت والجبل؟ فقال: الجبل ضيق وأنا فسيح. الجبل مقطب الجبين وأنا طلق المحيا صخرة وأنا رعشة. الجبل عقل صارم وإرادة باطشة، وأنا قلب خفاق وشعور صارخ، وإذا كان للجبل عقبانه على قمته، فلي كنوزي في أعماقي.

وسألته عن الغزاة الفاتحين فقال: إن لهم بحورهم ولكنها من دماء. .

وعن الفلاسفة فقال: أنا في كل كرة من كرات شكهم ويقينهم. انهم يموتون صرعى بين أمواجهم التي تغمر كيانهم. .

وعن المنتحرين فقال: انهم يؤثرون موجتي الهائجة على التراب البليد الصامت. .

وسألته: كيف أنت والخيانات؟ فقال: إني أعرفها. فكم من عقيدة طرحها في صاحبها ولم يسأل عن غده.

وسألتهم: من هم أعداؤك الألداء؟ فقال: القناعة والتشاؤم والبخل والعقم. .

وسألته عن الأمجاد فقال: إنها موجات في بحر الخلود. .

وسألت وسألت حتى خشيت أن يستهويني البحر. وقبل أن تركت الشاطئ وعدت إلى صلابة الأرض سجدت أمام (نبتون) وصليت صلاتي الزرقاء فقلت:

<<  <  ج:
ص:  >  >>