المعارف الإسلامية حيث نفى ذلك بقوله (وليس حقاً ما يقال أنه واضع أصول النحو العربي) وظن هؤلاء أن واضعه الخليل بن أحمد. وهو قول مردود بالأدلة العقلية والنقلية.
الدليل الفعلي: أن المنهج العلمي ينص على (أن الأدلة العلمية لا توصف بالبطلان مالم تقم الأدلة القطعية على بطلانها.) فتحقيق المسائل العلمية في نظر المنهج العلمي هو البناء لا الهدم. بينما يأخذ أمثال هؤلاء المتخبطين بالقوانين الهدامة التي أبتدعها فرنسيس بيكون واحتذاها المستشرقون من بعده. فأنت ترى أن شعار هؤلاء بطلان كل شيء ما لم يقم الدليل التجريبي على صحة المبطل بينما شعار المنهج العلمي الذي وضعنا أسسه التصديق بالقضايا العلمية المروية عن القدماء ما لم يقم الدليل المادي على بطلانها. وشتان ما بين المذهبين. فالفرق بينهما - كما ترى - كالفرق بين منيبني ومن يهدم.
والدليل النقلي: تواتر الرواية القديمة على نسبة الوضع إلى أبى الأسود وليس هناك أحد من القدماء والمتأخرين من أنكرها. وليس بعد قصة أبى الأسود مع علي، وقصته مع زياد بن أبيه، وحديث أبنه حرب من دليل نقلي. وقد قال الجاحظ المتوفى سنة ٢٥٥ هـ (أبو الأسود معدود في طبقات من الناس، وهو في كلها مقدم مأثور عنه الفضل في جميعها، كان معدودا في التابعين والفقهاء والشعراء والمحدثين والأشراف والفرسان والأمراء والدهاة والنحويين. . .)
ولم يبق هناك من خلاف بين القدماء إلا فيما إذا كان أبو الأسود تلقى هذه الأصول من الإمام علي أم اعتقد فيها على دراسته الخاصة - لدوافع مختلفة سنتحدث عنها في فرصة أخرى - ولعل ذلك لا ينفي أن يكون أبو الأسود واضع علم النحو بإرشاد الإمام دفع إليه ورقة فيها أصول ذلك العلم ثم قال له: انح هذا النحو فسمى ما وضعه نحواً.
وإلى مثل هذا ذهب الشيخ خالد الأزهري المتوفى سنة ٩٠٥ هـ (وقد تضافرت الروايات على أن أول من وضع علم النحو أبو الأسود وأنه أخذه أولا من علي بن أبي طالب رضي الله عنه)
وقال الشيخ عبد القادر البغدادي المتوفى سنة ١٠٩٣ هـ (وهو واضع علم النحو بتعليم علي رضي الله عنه)
فكأن أبا الأسود وضع هذا العلم مستنيرا بالأصول التي دفعها إليه الإمام. ومن هنا ترى أن