وإذا صدقنا رواية سيف بن عمر التي نقلها الطبري، ظهر لنا أن ظن أبي بكر كان في محله، إذ لم تمض ثلاثة أيام على عودة الوفد حتى كان المرتدون قد غزوا المدينة ليلاً.
لابد أن الوفد بعد عودته أخبر القبائل المتحفزة للهجوم عن ضعف قوة المسلمين بالمدينة وشجعها على الهجوم وكانت من غطفان، وهي عبس وذبيان وفزارة على ما نعلم.
المواقع التي جرى القتال فيها:
وردت أسماء السميراء والربذة وطيبة والأبرق وذي القصة عند البحث في تجمع القبائل. ولا يوجد الآن من هذه الأسماء في الخرائط الحالية إلا السميراء. ولنا من الأخبار التي نستقيها من رواة العرب الأقدمين أن القبائل الساكنة في شرقي المدينة وعلى طرفي الطرق الذاهبة إلى العراق وخليج فارس هي بنو سليم وهي أقربها إلى المدينة في الشمال الشرقي، ثم يليها بنو كلاب إلى شمال بني سليم، ثم عبس وذبيان في شرقي حرة خيبر إلى الشمال.
أما قبائل طي فتسكن في جبليها أجأ وسلمى، وفي شرقي بني عبس وذبيان وفزارة من غطفان في وسط وادي الرمة وعلى جانبيه.
وتأتي بعدها قبائل بني أسد. وموقع سميراء على ما يظهر من الخريطة واقع إلى شمالي وادي الرمة، ويبدأ منه وادي السميراء الذي يصب في الوادي في جوار الحاجر.
الربذة:
يذكر ياقوت الحموي أن موقع الربذة على الطريق التي تصل موقع فيد بالمدينة. وفيد في حي طئ وهي قرية من قرى جبل شمر واقعة إلى شرقي جبل سلمى على الطريق التي تصل الكوفة بالمدينة ويمر بها طريق الحج، وهي بعيدة عن المدينة مسافة ست مراحل.
وتلتقي فيها عدة طرق من الجوف والعراق والمدينة وبريدة والرس.
والربذة على هذه الطريق، وهي تبعد عن المدينة أربعة وعشرين فرسخاً، وواقعة إلى شمالي شرقها، ولعل موقع حناكية الحالي هو موقع الربذة القديم أو قريب منه، لأن بعده عن المدينة زهاء ثمانين ميلاً. والفرسخ العربي طوله أربعة كيلومترات ونصف كيلومتر أو أربعة كيلومترات. والذي يجعلنا نميل إلى ذلك إن القوة لم تجتمع في الربذة بل في