وقد أصدر قسم الصحافة بالسفارة الباكستانية عددا خاصا بالشاعر محمد إقبال من مجلة (رسالة الباكستان) التي تصدر بالقاهرة. وأذاع راديو كراتشي برنامجاً خاصاً بهذه الذكرى.
وقد استطعنا مما نشر وأذيع عن إقبال وما ترجم من أشعاره إلى العربية أن نقف على كثير من حياته واتجاهه الفكري ونستمتع بنفحات شاعريته، ومما يذكر أيضاً أن الأستاذين الشيخ الصاوي والأعظمي قد أنجزا كتابا عنوانه (فلسفة إقبال) نقلا فيه إلى العربية ديوان إقبال، والكتاب على وشك الظهور. ولاشك أن هذه الجهود كأنها تضيف إلى الأدب والثقافة والمكتبة العربية الحديثة أقباسا منيرة منذ ذلك الأفق المشرق.
ولد محمد إقبال سنة ١٨٧٣ في أسرة نراهمبة بقرية لوهار بكشمير، وقد اعتنق أحد أسلافه الدين الإسلامي وأصبحت الأسرة بعد ذلك أسرة إسلامية وتعلم إقبال في المكاتب والمدارس الهندية حتى أتم دراسته بكلية الحكومة بلاهور، واتصل فيها بالمستشرق توماس أرنولد أحد أساتذتها إن ذاك. ثم رحل إلى أوربا سنة ١٩٠٥ قاصداً كمبردج ثم هيدلبرج بألمانيا ثم ميونخ حيث حصل على الدكتوراه برسالة موضعها (تطور الفكرة العقلية في إيران) وعاد إلى وطنه في سنة ١٩٠٨. ولم يلتحق بخدمة الحكومة لضعف بصره، فوجه جهوده إلى الإنتاج الفكري الحر، حتى توفى سنة ١٩٣٨.
كان إقبال شاعراً وفيلسوفا، ولكنه لم يكن من أصحاب الأبراج العاجية، بل كان شاعراً بآلام قومه وآمالهم، وكان فيلسوفاً ينظر في أحوال أمته ويعالج شؤونها ويخطط لها طريق المستقبل الزاهر، يجمع شعره بين الأهداف السياسية والاجتماعية وبين المتعة الفنية والغناء الشعري كان يتغنى بمآثر الإسلام وأمجاد المسلمين فيطرب الأسماع ويذكي الحمية ويشعل نار الهمم، وكان يقرع الأعداء بغضب قوله فإذا أغراضهم في إذلال البلاد الإسلامية تنكشف وتتهاوى، وإنما تبعث الأمم المغلوبة على أمرها بالتنوير والتنبيه والتحذير في أول الأمر، وبعد ذلك يفعل الرأي الحازم المستنير كل شئ.
نظر إقبال فرأى الأوربيين يعيشون في صراع وتتكالب على المادة، ونظر أيضاً فرأى تواكل المسلمين وجمودهم، ولاحظ مع ذلك اتجاه هؤلاء إلى الثقافة الأوربية، فلم يجد في ذلك ما يخشاه إلا أن يؤخذ بالظاهر البراق دون النفوذ إلى الجوهر الصحيح - نظر إلى