ذلك ثم ناشد المسلمين أن يرجعوا إلى دينهم ليتأملوه من جديد في ضوء الفكر الحديث كي يقيموا حياتهم على أسسه الروحية العلمية ومن أسرار عظمة إقبال أنه اغترف من الثقافة الغربية ما انتفع به في تعزيز مقوماته الأصلية، ولم تجر وراء الغربيين بأخذ عنهم كل شئ ويزدري قومه كما يضع كثير مما رأيناهم فتنوا بذلك السراب، وإنما رجع إلى قومه بما يفيدهم من تلك المدينة والثقافة على أن يبعثوا من إمكانياتهم الكامنه ما يوجههم وجهة أجدى على الحياة الإنسانية مما يشاهد في الغرب من اندفاع نحو الأنانية والصراع المادي.
وهاك شيئاً من نفحات تلك الشاعرية في هذه القطعة التي قالها في فلسفة الألم وهي من الترجمة المنظومة التي قام بها الشيخ الصاوي شعلان:
إن الذي لم يدر أنات المساء ... ولم يسامر عينيه نجم السماء
ولم يحطم جام قلبه الأسى ... ولم ينر ظلام ليله البكاء
والسادر اللاعب طول عمره ... لم يستمع إلا إلى عذب الغناء
والعاشق المحروم في غرامه ... من لوعة الذكرى وحسرة الجفاء
ومجتنى الزهر الذي لم تختضب ... يداه في الشوك بحمرة الدماء
جميع هؤلاء مهما سعدوا ... من نعم الحياة بأمن ورخاء
فان أسرار الحياة تختفي ... عنهم وهم عنها دوامل في اختفاء
مهرجان الأدب الشعبي
أقامت الجامعة الشعبية يوم الأحد الماضي مهرجاناً ثانياً سمته (مهرجان الأدب الشعبي) ولعل القراء يذكرون ما كتبت عن مهرجانها الأول، وكان مما لاحظته فيه أ، بعض الخطباء تناولوا موضوعات داروا فيها حول الروح الشعبي والديمقراطية في الأدب، وقلت أنه كان ينبغي أن يكون للمهرجان موضوع أو فكرة يدور حولها. وفي هذه المرة أسجل للمشرف على الدراسات الأدبية في الجامعة الشعبية وهو الأستاذ علي الجمبلاطي فضله، ومن حيث أثبت أنه ممن يسمعون القول فيتبعون أحسنه، فقد جعل لهذا المهرجان محورا هو (الشعبية) وأضافه إلى الأدب الشعبي. وقد قال الأستاذ في افتتاح المهرجان إن روح الاتجاه إلى الشعب قد أصبحت تسود الآداب في العالم الحديث، وإن الأدب لحقيق بذلك، فإن كان للخواص عقول تدرك فإن للعامة قلوباً تحس. ثم قال إن هذا البرنامج يقدم أدباً