للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صورة أنت من قديم الزمان ... رسمتها مدامع الحرمان

وشعاع الخلود أضفي عليها ... رائعات الظلال والألوان

فالحب عنده تلك اللهفة إلى المجهول، وذلك الشوق الهائم إلى الصدر الحنون والقلب الرءوم، والنفس الحادية التي تفيض ظلالها العذبة على الشباب المحزون. والديوان كله لا يعطيك صورة لامرأة بعينها بحيث تحس بكيانها المميز، وشخصيتها الواضحة. بل هي فكرة من الفكر. . أو عاطفة من عواطف الشاعر الظامئ إلى صورة مثالية تتكون ملاحمها من الرقة العذبة، والحنان والحب!!

فهذا الحرمان الواضح في الديوان مد الشاعر بقوة على الخلق الفني الممتاز، وأرهف حسه، وجعله يهيم في عوالم من خياله، وانسراح عاطفتهّ. . وفي الديوان رحلات جميلة في عالم الشعور. . . رحلات الحالم المنزوي بصومعة من أحلامه:

وما ذلك الحالم النزوي ... بصومعة الفكر إلا خيال

يحس بصوت الحياة البغيض ... يناديه في قسوة أن تعال

فيمعن في حلمه ساخراً ... بأطيافها الشاحبات الثقال

بمهزلة قيل عنها: الشروق ... بأفكوهة قيل عنها: الزوال!

وأغلب قصائد الديوان صور وهياكل لصور بعضها موقف أعظم التوفيق لنقل الإحساس إليك. ولا تنتظر مني أن أنقل إليك بعض تلك الصور لأنني أود أن تطالعها هناك في الديوان لتطلع على ناحية مشرقة في الشعر العراقي الحديث. . .

إلى هنا أقف مع الشاعر الشاب لأنفذ إلى بعض المآخذ في الديوان!

وأهم تلك المآخذ ذلك الاضطراب الذي تلاحظه في بعض القصائد، وهو راجع إلى تلك الصور المبهمة التي يخلقها الشاعر، وإلى ذلك الانطلاق في التعبير، والانسياق مع عاطفة غامضة، أو شعور يحسبه ولا يبينه. . وأحس صورة لذلك الاضطراب (حانة الشيطان) فهي قصيدة (سائحة!) لا ترتبط مقاطعها برابطة، ولا تنتظم بوحدة من فكر أو شعور. . تقرأها فسرعان ما تحس بتواكب الصور التي تدفعك في اتجاهات مختلفة، وتنقلك من محل إلى آخر وأنت لا تعرف على أي نظام تسير!

ففي بداية القصيدة تصور بعينين (أطلق جفنها السهر) - يقصد جفنهما! - و (فم على

<<  <  ج:
ص:  >  >>