للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخرجت من لدن صاحب الثراء العريض أجرر أذيال الخيبة والفشل وأحس مس الفاقة والضياع.

وجذبني الأمل إلى رفاق سيدي وإلى ذوي قرابته، أستعينهم واستعطفهم، عل واحداً يشفع لي لديه فيخفف من حكمه ويرد علي عملي، ولكنني وجدت قلوباً صماء لا تلين، وعقولاً مغلقة لا تتفتح، وأبواباً موصدة بأقفال من الكبرياء والترفع، فرجعت إلى أهلي أحمل في نفسي همين. هم التعطل وهم الجوع.

وانطوت الأيام تنضج قمحي وفي النفس أمل وفي البطن شهوة، فما راعتي الأعمال صاحب العزبة يبكرون إلى حقلي - على حين غزة مني - يحصدون القمح ويحملونه إلى حيث يكون بيدراً صغيراً بين بيادر كبيرة. ووقفت أنظر ومالي بهم من يد فأدفع الظلم أو أظفر - عنوة - ببعض قمحي وهو جهد السنة وأمنية القلب.

ونظرت حولي فإذا الناس يهتزون من فرحة أيام الحصاد ويستمتعون بلذة الجني، إلا أنا. . . فيا لقسوة الحرمان! ويا لمرارة الضيق!

ولا عجب - يا بني - فإن الإنسانية حين تتهاوى تسفل فتتضع فتنحط إلى أوضع مراتب الحيوانية!

كامل محمود حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>