فإذا في مقدمة الحاضرين وفد عربي، يتقدمه حضرة نبيه بك العظمة والأستاذ الصديق سامي السراج، ولما انتظم المجلس، بدأ الحديث عن المعرض الزراعي الصناعي الذي كانت تقيمه الجمعية الزراعية الملكية في ربيع سنة ١٩٣٦، وعن رغبة أهل فلسطين العرب في زيارته، لما لهمن أهمية خاصة في توطيد علاقتهم مع مصر الشقيقة الكبرى، ثم انتقل الحديث وكأن لا صلة بين الموضوعين إلى المحاضرة، التي أزمع الأستاذ أحمد أمين بك على إلقائها بجمعية الشبان المسيحية، فكان من رأي الوفد المبادرة إلى الاعتذار عنها. أما أنا فقد أكتب للوفد أنني سأمكن أكبر عدد من أهل فلسطين من زيارة المعرض المصري، والتعرف إلى إخوانهم المصريين. أما فيما يخص الاعتذار عن إلقاء المحاضرة، فقد أبنت لهم بوضوح أنني قد وضعت كلمة لتقديم لمحاضرة أنني قد ارتبطت مع هيئة لجمعية وسأقوم إلقائها على كل حال سواء حضر المحاضرات أم اعتذر عن إلقاء محاضرته، وكان مما قلته لحضراتهم وهم يذكرون ذلك جيداً (من أين تأتون لي بفرصة أخرى نتكلم عن الإسلام في قاعة جمعية مسيحية؟ أوجدو إلى هذه الفرصة في مكان الجمعية كما تقولون أو أي مكان آخر ينطبق وصفها عليه من ناحية التبشير والاستعمار كما تقولون، وأنا مستعد للتراجع وجعل الإلقاء في هذا المكان الذي تختارونه. أنني لا أنظر إلى المسألة من هذه الوجهة بالذات وإنما أقول أن فلسطين في حاجة ماسة إلى جمع كل القوى التي يمكن أن تلتئم مع عمل القائمين بنهضة العرب وكفاحهم.
ولا أشعر بأن هذه الجمعية ضدنا بل هي أمام تيار الصهيونية الجاف من مصلحها أن تقف في صف العرب، ومن مصلحتنا أيضاً أن يجعلها في صفنا؛ وان لم تقف معنا الآن فسيجرفها التيار حتما ويقتلع جذورها معنا).
وفي صباح يوم ٢٣يناير قابلت المستر فرنس وكان يشغل وظيفة مدير المطبوعات لحكومة فلسطين - التقت به في ردهة فندق الملك داود فاخبرني بأنه اطلع على جرائد الصباح العربية وقال (إنها قد خصصت جزءً كبيراً من أعمدتها للاحتجاج عليك وعلى الأستاذ أحمد أمين بك. فماذا سيكون أمام هذه الحركة؟). قلت قد أعددت كلمة لتقديم الأستاذ وسأحضر لالقائها في الموعد المحدد كما اتفقنا، وللآن لا أعلم عن مجيء الأستاذ شيئاً.)
ولما ذهبت إلى دار القنصلية المصرية وجلست لعملي أعطيت لي مكالمة تليفونية مع